ري
صحيح أن إدارة وقتك أمر مهم، لكن لأي شيء هو مهم؟ بالطبع لإنجاز أعمالك، وإدارة حياتك في شتى جوانبها، إلا في أمور أخرى حين تقحم عامل الوقت فيها فإنك تحمل في جوفك مشرطاً من القلق، والخوف من فوات الفرصة، فلا أنت استمتعت باللحظة، ولا وصولك حقق لك ما كنت تتخيله. انشغالك بتقدمك بالعمر، كأنه جدال مع القدر، لن تكسب فيه شيئاً، قضية محسومة تحاول أن تراوغ فيها، لأنك لم تدرك بعد أن لكل عمر ملذاته الخاصة بالمرحلة، لن تكون أنت نفسك حين تكبر أكثر، ستودع كثيراً من رغباتك لتبدأ رغبة جديدة عليك، ليست الطفولة مرحلة المرح، وليست المراهقة مرحلة المغامرة، وليس الشباب مرحلة الإنجاز، وليس النضج مرحلة البؤس وانتظار الموت.
كل المراحل هي أنت، بين احتياجاتك ورغباتك التي تعرفها، والتي تجهلها عن نفسك، دع العمر يمضي دون حساب الوقت، غير مهم كم عمرك الآن، لأن احتساب السنوات والأشهر والأيام والساعات والدقائق لم يوجد لتموت قبل الأوان، هي حسابات خلقت من أجل أشياء أخرى ومهام أخرى، وليس لذبح معنوياتك، أو إشعارك بالخسارة، أو لاستعجال الوقت، أو محاولة إيقافه، بل لتعيش متناغماً مع الوقت، لتتركه بحساباته فهي لا تعنيك.
لا بد أن تعرف الفرق بين اقتناص الفرصة التي تناسبك، وبين ذاك اللهث خلف فرص ليست لك، شتات ما بعده شتات، كأنك تريد أن تصطاد كل شيء، والوقت لا يقبل تفاوضاً، ولا رشوة، هو يمشي كما رُسم له، فامش أنت وارسم لنفسك مساحة من الاسترخاء والهدوء، ارجع لنفسك فكم ضاع جهدك خلف البحث عن سعادة أسبابها خارجية، أشخاص، أماكن. لكن ماذا عنك أنت، كيف لم تجد السعادة في وحدتك؟ وكم من الخيبات تعثرت بها وأنت تركض خلف أحدهم؟ ومرة بعد مرة تعيد الكرة، ولا تصل للشيء، متى ستعرف أن سعادتك تبدأ من فهمك لنفسك، ومعرفة ماذا تريد حقاً، ولماذا تريده تحديداً دون سواه؟
لذا كف عن مقاومة الوقت، لا تُسحق تحت محاولات لن تنجح، عش فإن الحياة قصيرة. a.fahad@alroeya.com