جاليات
هناك قلة من الأئمة، أولئك الذين يُشعرونك بأنك أمام مهمة يجب أن تنتهي بوقت قياسي، وبعدها ينفضّ كل إلى شأنه:
بمجرد أن يتولّى القيادة لا يلتفت إلى الخلف إلّا مرة واحدة، وبعدها قراءة للقرآن سريعة وكأنه يستظهرها أمام مدرّسه متجاوزاً في غالبية الأوقات أحكام التلاوة والتجويد، ثم لتبدأ عملية الركوع التي تليها عملية السجود، بحركات أقرب ما تكون رياضية، والمصلون، لا أدري كيف يستطيعون متابعة قراءة ما تيسّر من القرآن، أو التسبيح، ولا يشعرون إلّا والإمام يسلّم، لينتقل إلى الركعتين الأخريين، وتمضي صلاة التراويح بركعاتها الثمانية، أو أكثر على هذا النمط الموجز السريع.
والتساؤل، أين الاطمئنان والخشوع في الصلاة، وكيف يعطي هؤلاء الركوع والسجود حقّه؟ ولا ننسى أن صلاة التراويح خاصة في رمضان وتقام بعد صلاة العشاء، وتعد نوعاً من أنواع قيام الليل، وهي سنة مؤكدة عن النبي عليه الصلاة والسلام، وتُقام بحيث تكون كل ركعتين منفصلتين، استناداً إلى الحديث النبوي الشريف: «صلاة الليل مَثنى مَثنى، فإذا رأيت أن الصبح يدركك فأوتر بواحدة. فقيل لابن عمر: ما مَثنى مَثنى؟ قال: أن تُسلّم في كل ركعتين».
بهذه الحالة ألا يجب أن تُعطى هذه الصلاة المميّزة في هذا الشهر المميّز حقّها؟ ألم يدرك هؤلاء ما معنى تراويح، وأنها ليست سباقاً؟
تراويح جمع ترويحة، سميت بذلك لأنهم كانوا أول ما يجتمعون عليها يستريحون بين كل تسليمتين، وقد تلقى خلالها موعظة على المصلين ليتفقّهوا في أمور دينهم، وتذكرة من باب فإن الذكرى تنفع المؤمنين، وصلاة التراويح ترقى بروحانيات المؤمن.
ألا يتدبّر هؤلاء قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «إنّ الله يحبّ إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه».
كاتب وقاص