زاوية: فقط أقول
يخيّل إليّ أنّ الوالد المؤسس المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله، عندما كان يتعلم القرآن، وقف حين قرأ عليه معلمه هذه الآية: «وأحسنوا، إن الله يحب المحسنين»، وقف منتصباً بحماسة، ووضع يده على صدره، وأقسم أن يكون من المحسنين الذين يحبهم الله، أقسم بصدق المخلصين، وحفظها، وحفظ عهده، وعندما حان حكمه، وقبل ذلك كذلك، كان منهم، ورحل وهو لا يزال منهم.
لم ننسَ، ولن ننسى الليلة التي اختاره الله لجواره، ما زلت أذكر سقوط الجميع على ركبه من صدمة النبأ، سقوط الدمع الحارق، سقوط الحزن على رؤوسنا وقلوبنا، وما زال الجميع يذكر كذلك، كيف أقسمنا حينها وبعدها وطيلة أعمارنا على هذه الأرض، أقسمنا في أنفسنا أن نبقى على ما علمنا إياه، عاهدناه كما عاهدناه في حياته، عاهدناه على أن نصون طريقه التي رسمها لنا ولهذا الوطن، وأن نعمل كما أراد على بقائنا أصحاب الأيادي البيضاء، التي تمتد للقريب والبعيد، أن نبقى سنداً لكل محتاج، وألا نترك هذا النهج ما استطعنا إليه سبيلاً.
وما زال عهده مستمراً، حتى لكأنه لا يكاد يمر يومٌ على هذه الكرة الأرضية، إلا وللإمارات وبقيادة أبنائه وإخوانهم حفظهم الله، القيادة الرشيدة السديدة، لا يكاد يمر يوم إلا وتتناقل الأخبار في نشراتها عن عملٍ إنساني لهذه الدولة الحبيبة، عمل على أرضها، وآخر على أرضِ غيرها، إما إعادة لأمنهم، أو تطعيماً لصحتهم، أو إغاثة في نكبتهم، أو إطعاماً لجوعهم وسقاية لعطشهم، فتشعر وأنت تشاهد هذه الأخبار السعيدة، بالحظ الوافر لأنك من أبناء هذا الوطن المعطاء، وتشعر كما لو أن الإمارات أمٌّ للجميع، وبودها لو لا يذوق أيّ كائن على هذه الأرض بأساً وحزناً.
ولأن زايد من علمها، أبت إلا أن تخلّد ذكراه التي لا سبيل إلا لخلودها، بإقران ذكرى وفاته بذكرى عطائه، لتجعل يوم العمل الإنساني شاهداً لا على رحيله، بل على بقائه في كل شبرٍ وقلب، من خلال تذكر يده الكريمة البيضاء، ونفسه المعطاءة الغنّاء، وبحره الذي لم ولن يعرف درّه وخيره الفناء.
n.dhahri@alroeya.com