تشرفت بأن أكون أول إعلامية عربية وخليجية تقوم بتغطية الحرب من الخطوط الأمامية لحربنا الأولى في الحد الجنوبي لمصلحة إحدى القنوات التلفزيونية التي أعمل فيها، كنت كل يوم أستودع الله أهلي ووطني وأشعر باطمئنان وأنا أرتدي الملابس العسكرية التي توفر لي بعض الحماية، مع شعوري بإيمان عميق وارتياح كبير بأني أقوم بدور إعلامي استثنائي، لقناعتي بأن الرصاصة الإعلامية توازي إن لم تفوق الرصاصة في أرض المعركة.دور الإعلامي الحربي الذي يقوم بتغطية أخبار الحرب من آخر مكان يسمح للإعلام بأن يتحرك خلاله عبر المعارك هو دور خطير وحساس، إذ إن الملايين من شعب بلدك ينتظرون ظهورك ويراقبون حتى أبسط ملامحك والذين إن قابلتهم بابتسامة ستنقل لهم التفاؤل بالنصر ورفع المعنويات.تذكرت ذلك وأنا أشاهد مقطعاً قديماً لمراسل في إحدى القنوات يغطي أخبار الحرب في العراق أو سوريا التقى طفلة فقدت أباها في الحرب ،فكان يسألها بإلحاح ولأكثر من مرة (وين أبوك). لم تستطع الطفلة البريئة مقاومة قسوة السؤال وغبائه إلا ببكاء مرّ، هذا المشهد أحبط عشرات الملايين الذين يرقبون أخبار الحرب وينتظرون أي خبر يبعث التفاؤل، ويعيد للأذهان التفكير بدور المراسل الإعلامي الذي يغطي أحداث الحرب، إذ إنه يختلف بشكل كبير عن أي مراسل إعلامي آخر. عليك أن تستحضر الملايين الذي يجلسون خلف الشاشات يبحثون عن معلومة ذات مصداقية بعيداً عن البحث عن خبر هامشي وتأطيره ونقله خبراً مفصلياً، قد يكون أثره السلبي أكثر تدميراً من أخبار أساسية إيجابية وذات مصداقية عالية.الأخبار التي تخلقها الحرب على الهامش هي أخبار كثيرة لا حصر لها، وعلى المراسل الحربي أن يكون ذكياً في التعامل معها.s.madani@alroeya.com