زاوية: ببساطة
وقفت تلك السيارة الفارهة الفخمة ذات النصف مليون درهم في محطة البنزين، إنها شديدة اللمعان، يظهر أن مالكها قد لمعها مؤخراً ليزداد جمالها جمالاً. خفض صاحب المركبة زجاج نافذته، إن ملامح الغنى والرفاهية تبدو واضحةً على ملامحه ومظهره.
وقف عامل المحطة مطولاً أمام زجاج النافذة في انتظار أن يأخذ مبلغ المال من ذاك الرجل ليبدأ بتعبئة خزان الوقود، كان يبدو أن ذلك السيد قد أضاع محفظته، إنه يتلفت ويبحث عن يمينه وشماله.
أخيراً يظهر أنه قد وجدها، مد يده عبر الزجاج وقال للعامل «بترول بـتسعة دراهم لو سمحت»!
إذا كان متوسط راتبك 30 ألفاً فلا يعني ذلك بالضرورة أنك من المؤهلين لشراء سيارة بمبلغٍ قد يعادل شراء مسكن! وإن كانت إغراءات البنوك والقروض كثيرة، فلا تنسَ أن هناك مصاريف أخرى جانبية تضاف لقيمة السيارة، كالتسجيل السنوي والصيانة ونحو ذلك. إن صرف أكثر من 50 في المئة من نسبة الراتب على بند المواصلات مسألة غير طبيعية أبداً، إلا أنها منتشرة بصورة طبيعية جداً في مجتمعاتنا.
في الدول المتقدمة، تجد أن الطبيب والمهندس وكبار الموظفين دون سيارة، ويستخدم أغلبهم المواصلات العامة، لأن نسبة صرفهم من الميزانية السنوية على المواصلات محددة وواضحة وقليلة، وبالتالي فإن قرار امتلاك مركبة ليس بالأمر السهل رغم ارتفاع دخلهم، فهل نمتلك نحن قدرةً شرائية أعلى منهم؟ أم أن المسألة سوء تقدير منا؟
ويتكرر منظر «أبو التسعة دراهم» دائماً، ونبقى نتعامل مع ذات الأربع عجلات كوسيلة للترف. ليست دعوةً للتخلي عن السيارات، نحن نحتاجها بكل تأكيد، لكن إعادة النظر في تعاملنا مع وسائل المواصلات أمرٌ لا بد منه. في نهاية اليوم، ستصل إلى وجهتك، إن كنت تركب سيارة بمليون درهم أو بمئة ألف. h.dhahiri@alroeya.com