ري
حين يقال لك انظر لمن حاله أفضل منك لتتعلم منه، ولمن هو أقل منك لتتعظ وتشعر بالنعمة التي بين يديك، هل حقاً تشعر بتحسن حالتك المزاجية؟ أو يشتعل حماسك لتمشي على درب فلان من الناس.
تلك الطريقة، على الرغم من أنها غير مجدية، فإن المُربين يستخدمونها، بل إن لها أثراً غاية في السوء، فهي تثير الغيرة من جهة، لأنها تتهمك بالفشل، ومن جهة أخرى ستقول بينك وبين نفسك ما شأني بأحوال الآخرين، وهذا صحيح، لأن حياة كل إنسان مرهونة باختياراته، وبأفعاله، لذا فمن باب أولى ترك المقارنة لأنها لا تعد بخير، بل هي أداة تدمير، وسوط جلد يمارسه الإنسان ضد نفسه.
وهي أيضاً ليست وسيلة لإثارة التعاطف، بل هي تحفز شعوراً ليس جيداً، لأنك سترى في الأقل شأناً منك، كما يصفونه، شيئاً من الانزعاج، وتتهمه دون أن تقول، وتهمته أنه فشل في أمر ما، لكن هذا لا يمنحنا صورة واقعية عنه، لأن التمكن من أمر واحد، لا يعني بالضرورة أن يتمكن من بقية أمور حياته، فلا يوجد فشل كامل في جميع جوانب الحياة، ولا يوجد نجاح مطلق أيضاً، وعليه، فإن الفشل لا يمكن أن نطلقه على الإنسان نفسه، بل على الأمور التي قام بها ولم تنجح.
المربي أياً كان، حين يريد أن يزرع شيئاً في الطفل، وحتى الكبير، أو الشريك، فعليه أولاً أن يعرف مواطن إبداعه، والصفات الأجمل فيه، ويخبره عنها، لأنك تلفت انتباهه إلى أنك فعلاً تراه، وتشعر به، وتدرك اختلافه، لكن حين تستخدم المقارنة معه، فإنك تدفعه بكل قوتك بعيداً عنك، لأنك تقول دون أن تدرك: لا أريدك كما أنت، أريدك نسخة من فلان وعلان! وهذا إعلان رفض منك، كيف له أن يستقبله على أنه حب، أو توجيه للطريق.
لا تقتل المحبة بمشرط المقارنة، مع أي إنسان يهمك أمره، ستخسره بكل تأكيد، وستشعل نار الكراهية داخله تجاه الند الذي صنعته بحسن نية.
لا تستخدم ورقة المقارنة إلا مع العدو، أو إن كنت تتعمد الجرح، لأنها ورقة حرب، وليست ورقة حب.