من المقرر أن يبيع أكبر مديري الأموال في العالم نحو 100 مليار دولار من الأسهم في الأيام المتبقية من العام الحالي، ما يضيف إلى عملية البيع المتكثِّفة بعد توجيه رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول رسالة بأنَّ صنَّاع القرار السياسي سيزيدون من التشديد خشية الركود وخفض فرص العمل.
بالرغم من الخسائر التي لحقت بالأسهم خلال هذا الأسبوع، ارتفعت قيمتها مقارنةً بفئات الأصول الأُخرى، وأجبرت مديري الأموال على بيعها لتحقيق الأهداف المطلوبة منهم، إلَّا أنَّ السندات هي المستفيدة المحتملة من مبيعات صناديق الثروة السيادية والمعاشات التقاعدية وصناديق الاستثمار المشتركة التي تتطلع إلى تجديد حيازاتها من الدخل الثابت، وفقاً لمقالة نشرتها «بلومبيرغ» مؤخَّراً.
وعندما ينتهي ديسمبر، يمكن أن تقترب صناديق الثروة السيادية من تفريغ 29 مليار دولار في هيئة أسهم، في حين تحتاج خطط معاشات التقاعد التي تحددها الولايات المتحدة إلى تحويل نحو 70 مليار دولار من الأسهم إلى سندات لتحقيق أهدافها طويلة الأجل وإعادتها إلى مستويات سبتمبر، وفقاً لتقديرات «جيه بي مورغان».
عادةً ما تعيد صناديق التقاعد والثروة السيادية، التي تمثل العمود الفقري للمجتمع المستثمر، موازنةً تعرضها للسوق كل ثلاثة أشهر لتحقيق مزيج من 60% من الأسهم و40% من السندات، لكنَّ فنسنت ديلوارد، وهو خبير استراتيجي في الاقتصاد الكلي في شركة «ستونكس»، يتوقع أنَّ بعض عمليات إعادة التوازن حدثت مسبقاً هذا الأسبوع، مضيفاً أنَّ «تصحيح سوق الأسهم الأخيرة إلى جانب ارتفاع السندات يتوافق مع فرضية إعادة التوازن، حيث اضطر المستثمرون إلى بيع الأسهم وشراء السندات للعودة إلى الهدف، ما يجعل استمرار ذلك حتى نهاية العام أمراً منطقياً».
وستؤدي التعديلات البعيدة عن الأسهم إلى مضاعفة نحو 30 مليار دولار من المبيعات القسرية التي تتوقعها التحليلات التي تتبع اتجاه السوق بعد الانزلاق الذي أدَّى إلى انخفاض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنحو 6% عن أعلى مستوى له في نوفمبر.
كما جاءت آخر ضربة يوم الأربعاء حين حذَّر الرئيس باول في نهاية اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأخير لعام 2022 من أنَّ أسعار الفائدة ستظل مرتفعة لكبح جماح التضخم، ما حطَّم الآمال في أنَّ البنك المركزي يستعد لتخفيف حملة التشديد العدوانية. فبدلاً من ذلك أشار صنَّاع السياسة إلى أنهم سيستمرون برفع أسعار الفائدة بما يتجاوز توقعات السوق.
وطبقاً لحسابات «جيه بي مورغان»، فإنَّ صندوق «جي بي آي إف» الياباني للمعاشات التقاعدية، الذي تبلغ قيمته 1.6 تريليون دولار، ويُعَدُّ أضخم صندوق معاشات تقاعدية على مستوى العالم، سيضطر إلى بيع 17 مليار دولار من الأسهم للعودة إلى تخصيص الأصول المستهدفة. كما أنَّ صندوق النفط النرويجي الذي تبلغ قيمته 1.3 تريليون دولار يمكن أن يحوِّل 12 مليار دولار من الأسهم إلى سندات.
وتمثل المبيعات المتوقعة انعكاساً عن اتجاه الربعين الأول والثاني، حيث اضطرت الصناديق الكبيرة إلى شراء الأسهم، وعقد صفقات قوية، ولكن قصيرة الأجل، إذ إنَّ آخر مرة اضطرت فيها هذه الصناديق إلى تفريغ المخزونات لإعادة التوازن كانت في الربع الرابع من عام 2021، وفقاً لنيكولاوس بانيغرتزوغلو، خبير استراتيجي في «جيه بي مورغان».
ومع ذلك، من المرجَّح أن تتضاءل مبيعات هذا الشهر مقارنة بشهر ديسمبر الماضي، حيث أشار بانيغرتزوغلو إلى أنَّ «التدفق المقدَّر لإعادة التوازن بلغ نحو ضعف التدفق المقدر للربع الحالي».