حدد البنك الدولي، الخميس، أربعة مسارات متوقعة لتونس من حيث استعادة الثقة والاستجابة لتطلعات المواطنين والاستجابات الممكنة للتحديات الكبرى التي تواجه الاقتصاد.
وأوضح البنك الدولي في تقريره الثاني للتشخيص الممنهج للدولة التونسية تحت عنوان: «إعادة بناء الثقة وتلبية الطموحات من أجل تونس أكثر ازدهاراً وشمولية»، أن النقاط الحاسمة لهذه المسارات الأربعة، تنعكس ضمن خطط الحكومة الحالية للإصلاح الاقتصادي.
وتصدر تقارير البنك الدولي للبلدان الشركاء كل خمس سنوات، ما يتيح تحديد أهمّ التحديات والفرص الرئيسية الكفيلة بالتعجيل في إحراز تقدم في إعادة بناء الثقة، وتلبية التطلعات، والمساهمة في نهاية المطاف في تحقيق الهدفين المترابطين لمجموعة البنك الدولي والمتمثلين في إنهاء الفقر المدقع، وتعزيز الرخاء المشترك على نحو مستدام.
وأفاد التقرير، بأن التشخيص الممنهج يقدم رؤية للاتجاهات التي شهدتها تونس على مدى السنوات العشر الماضية، ولا سيما من خلال المقارنات الدولية والتحليلات المتوسطة المدى.
وأشار إلى أنه لا يركز بقوة على الأحداث المستجدة، بل يسعى إلى وضعها في سياق الاتجاهات العميقة على مستوى النمو العادل، والحد من الفقر، ومدى قدرة الدولة.
وحدد البنك أن المسار الأول يتضمن مشاركة المواطنين لتحفيز تقديم الخدمات وتمهيد الطريق لتحقيق توازن سياسي أكثر استدامة، يمكن للسلطات الاستفادة من تعزيز مشاركة المواطنين والشفافية والحكم المحلي.
أما المسار الثاني فيركز على مؤسسات أكثر شمولاً، والتي تمكن السلطات من تسريع عملية رقمنة الاقتصاد والمجتمع والإدارة العموميّة، وهذا من شأنه أن يعزز استجابة الدولة لتطلعات المواطنين، ولا سيما الفئات السكانية الهشّة التي تعيش في المناطق الريفية، والتي تعاني تأخيراً في التنمية، وغير قادرة على الحصول على خدمات عامة جيدة.
وتابع التقرير: «المسار الثالث يستهدف نقل الاقتصاد إلى النمو الذي تقوده الإنتاجية، لأن عكس نتائج عدة سنوات من مناخ الأعمال غير الموات هو أحد الأهداف التي يمكن أن تسعى خطة الإصلاح إلى تحقيقها عبر فتح الأسواق أمام المنافسة، وتحديث لقطاعي الماليّة والبنية التحتية، وهذا من شأنه أن يعزز التجارة والابتكار، مع جذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر والتمويل المتعلق بالمناخ».
ويركز المسار الرابع على تعزيز الشمول الاقتصادي الذي يمكن للسلطات أن تكفل حصول المواطنين على فرص اقتصادية أكثر إنصافاً وعلى مستوى معيشي أفضل، ويشمل ذلك تحسين نتائج التكوين، ودعم مشاركة المرأة في سوق العمل للحد من أوجه عدم المساواة بين الجنسين، ومعالجة أوجه التفاوت في تقديم الخدمات، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى نتائج أفضل على مستوى الرفاهية، وزيادة الفرص وتعزيز التماسك الاجتماعي.
في هذا الصدد قال ألكسندر أروبيو، مدير مكتب البنك الدولي في تونس، إنه تم التعاون مع الحكومة التونسية وجميع أصحاب المصلحة المعنيين في جميع مراحل عملية إعداد التشخيص الممنهج للدولة التونسية، مضيفاً: "أن هذا التقرير هو أساس مهم لإطار الشراكة الإستراتيجية الجديد بين البنك الدولي وتونس، والذي سيحدد دعمنا المالي والتقني لتونس للسنوات الخمس المقبلة».
واعتمد إعداد التقرير أساساً على نوعين من المشاورات، فمن ناحية، أجريت مشاورات مباشرة خاصة في الأوساط الأكاديمية وصناع الرأي والإدارة العامة، ما سمح لفريق الدراسة التشخيصية المنهجية بتفعيل النقاش والدعوة إلى ضرورة تنفيذ إصلاحات لمساعدة تونس على التغلب على التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها.
ومن ناحية أخرى، شملت المشاورات -أيضاً- مشاركة رقمية واسعة النطاق تستند إلى ردود فعل الناس وتصوراتهم، ما أتاح زيادة الوعي بالوضع والحاجة الملحة للإصلاحات.