حذر رئيس البنك المركزي الفرنسي من أن الاضطرابات الأخيرة في أسواق السندات في المملكة المتحدة توضح «الحلقة المفرغة» التي تواجهها الحكومات إذا قوضت جهود واضعي أسعار الفائدة للحد من التضخم المرتفع.
وقال فرانسوا فيليروي دي جالو، في مقابلة مع فاينانشيال تايمز، إن الارتفاع الحاد في تكلفة الاقتراض للحكومة البريطانية بعد أن كشفت النقاب عن تخفيضات ضريبية غير ممولة بقيمة 45 مليار جنيه إسترليني الشهر الماضي، سلط الضوء على أهمية مزيج متسق من السياسات بين البنوك المركزية والمشرعين.
وأكد محافظ بنك فرنسا مخاطر التوسع المالي في وقت ترتفع فيه أسعار الفائدة بسرعة، وقال: «إذا كانت لديك سياسة نقدية ذات موقف مناهض للتضخم وهناك شكوك حول ما إذا كانت سياستك المالية ستدعم التضخم فأنت إذاً تجازف حقاً بتغذية حلقة مفرغة».
وأجبرت عمليات بيع السندات الذهبية بنك إنجلترا على التدخل لوقف انهيار أجزاء من صناعة المعاشات التقاعدية في المملكة المتحدة، والتي حذر محافظ بنك فرنسا من أنها كانت أحدث مثال على تعرض القطاع المالي غير المصرفي لأزمة السيولة.
وحث المنظمين العالميين في مجلس الاستقرار المالي على «تقديم قواعد أوضح وأكثر صرامة الآن» لضمان قيام الصناديق والتجار ببناء احتياطيات سيولة أقوى.
وقال: «نحن بحاجة إلى مزيد من البيانات وفي كل ولاية قضائية نحتاج إلى نوع من اختبار ضغط السيولة».
اختتمت حكومة المملكة المتحدة تحولها يوم الاثنين بعد أن أعلن المستشار الجديد جيريمي هانت أنه سيتخلى عن ثلثي التخفيضات الضريبية التي أعلنها سلفه كواسي كوارتنج، الذي أقيل يوم الجمعة.
ضحك فيليروي بعدم تصديقه للأحداث الأخيرة في المملكة المتحدة، والتي قال إنها هيمنت على الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن الأسبوع الماضي، وقال إنه لا يتوقع أن تكرر حكومات منطقة اليورو الكبرى هذا الخطأ.
وفي حين أن الحكومات في كتلة العملة لم تواجه بعد الاضطرابات التي شهدتها المملكة المتحدة خلال الأسابيع الأخيرة، فإنها تنفق مبالغ كبيرة للتخفيف من وطأة ارتفاع أسعار الطاقة على الشركات والأسر.
ويعتقد اقتصاديون، بمن فيهم أولئك العاملون في صندوق النقد الدولي، أن حزم الطاقة ترفع من مخاطر التضخم المرتفع ويصبح راسخاً.
لكن فيليروي قال إن الإجراءات كانت «مفهومة»، وساعد سقف أسعار الطاقة في فرنسا، الذي حد من الزيادات في أسعار الكهرباء بنسبة 4% هذا العام وأسعار الغاز المحلي المجمدة، في الحفاظ على معدل التضخم عند 6.2% -الأدنى في منطقة اليورو- حتى الآن، «بقدر ما تظل هذه التدابير مستهدفة ومؤقتة -وسيخبرنا الوقت- فهي مفيدة إلى حد ما».
ورفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 1.25 نقطة مئوية خلال الصيف لمكافحة التضخم المرتفع القياسي البالغ 10% -خمسة أضعاف هدفه البالغ 2%- ومن المقرر أن يزيد سعر الفائدة على الودائع بمقدار 0.75 نقطة مئوية إلى 1.5% يوم الخميس المقبل.
وقال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لصحيفة Les Echos في مقابلة نُشرت يوم الاثنين، إنه يشعر بالقلق من وجهة النظر القائلة بضرورة «تحطيم» الطلب من خلال تشديد نقدي صارم «لاحتواء التضخم بشكل أفضل».
وامتنع فيليروي عن التعليق على مخاوف ماكرون، لكنه أعرب عن انزعاجه من فكرة أن البنك المركزي الأوروبي يخاطر بدفع الاقتصاد إلى الركود، قائلاً إن هذا «يخطئ الهدف».. الخطر «السائد» لم يكن معدلات أعلى، ولكن أزمة الطاقة.
وسيستمر البنك المركزي الأوروبي في «التحرك بسرعة» حتى يصل سعر الفائدة على الودائع إلى 2% -ما يسمى بسعر الفائدة المحايد الذي لا يحفز أو يقيد الاقتصاد عنده- في نهاية العام. وقال إن أي زيادات تتجاوز تلك النقطة ستكون «بوتيرة أكثر مرونة وأبطأ».
ويهدف البنك المركزي الأوروبي إلى البدء في تقليص الميزانية العمومية البالغة 9 تريليونات يورو التي تضخمت خلال الوباء بمجرد أن تكون المعدلات محايدة.
وقال فيليروي إنه اعتباراً من نهاية هذا العام، قد يتوقف البنك عن استبدال بعض السندات المستحقة بموجب برنامج شراء الأصول البالغ 3.26 تريليون يورو.
وأضاف أنه قبل ذلك، يجب تشجيع المقرضين من القطاع الخاص على سداد 2.1 تريليون يورو من القروض الرخيصة للغاية التي قدمها البنك المركزي الأوروبي في إطار عمليات إعادة التمويل المستهدفة طويلة الأجل (Tltro).
وتم تصميم Tltros لتشجيع المقرضين على الاستمرار في الإقراض أثناء الوباء من خلال تزويدهم بالتمويل بنسبة -1%، ومع ذلك، فإن ارتفاع معدلات الفائدة يعني أن المقرضين أصبحوا الآن في طور تحقيق ربح خالٍ من المخاطر بأكثر من 25 مليار يورو.
وقال إنه سيتم التعامل مع تقليص الميزانية العمومية بحذر، «دعونا نبدأ بشكل واضح ولكن بحذر، ثم نسارع بالتدريج».