يضخُّ قانون الحد من التضخم، الذي أصدرته إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، مليارات الدولارات في صناديق الطاقة المتجددة، التي ستسرع من اعتماد الطاقة الشمسية وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة، وبينما ستتجه بعض ألواح الطاقة الشمسية الجديدة إلى أسطح المنازل، فإن بعضها سيتجه إلى الأراضي الزراعية، والتي تتميز بمزايا عديدة لاجتذاب ألواح الطاقة الشمسية، ما يجعلنا بصدد نوع جديد من المزارع التي تقدم لنا المحاصيل الزراعية، والطاقة الشمسية، والتي يمكن أن يطلق عليها «المزارع الفولتية»، بحسب تقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية الأحد.
«المزارع الفولتية»
وأوضحت الصحيفة أن ألواح الطاقة الشمسية تعمل بشكل أفضل في مناخ خاص، يتميز بالرياح الخفيفة، ودرجات الحرارة المعتدلة، والرطوبة المنخفضة، وكل تلك الخصائص متوفرة في أسطح المنازل، وكذلك الأراضي الزراعية، ما يجعلها ذات أهمية كبيرة للمستثمرين في الطاقة الشمسية. وأوضحت الصحيفة أن المناطق الريفية في أمريكا، تشهد منافسة جديدة، حيث تتنافس المحاصيل الزراعية كالذرة، مع محصول جديد هو الطاقة الشمسية، حيث يتزايد انتشار ألواح الطاقة الشمسية على مساحات شاسعة، على طول الطرق السريعة والطرق الفرعية، ما أظهر زواجاً جديداً بين الزراعة، وبين الطاقة الشمسية، وظهر وصف المزارع الفولتية "Agrivoltaics".
أرباح الطاقة الشمسية للمزارعين
وأكّدت الصحيفة أن مزارع الطاقة الشمسية تدرُّ ربحاً جيداً للمزارعين، كما أن الطاقة الشمسية قد تكون أكثر ربحاً لهم، حيث يمكن لمزارعي تكساس الحصول على حوالي 500 دولار للفدان سنوياً، من عقود إيجار الطاقة الشمسية، بينما يصل السعر في وادي «سنترال فالي» في كاليفورنيا إلى 1000 دولار للفدان.
معارضة المزارعين
وأشارت الصحيفة إلى تزايد المعارضة للتوسع في نشر ألواح الطاقة الشمسية في المزارع، خوفاً من بعض المزارعين من تغيُّر طبيعة مناطقهم الريفية. ونقلت الصحيفة عن الباحث في المختبر الوطني للطاقة المتجددة، التابع لوزارة الطاقة الأمريكية، جيمس ماكول، قوله: «المعارضة المتزايدة للطاقة الشمسية في المناطق الريفية في أمريكا، سواء كانت صحيحة أم خاطئة، تعرّض التقدم المناخي للخطر، ونحن بحاجة إلى إيجاد حل وسط».
«الزراعة الفولتية»
وأشارت الصحيفة إلى أستاذ علوم الحيوان بجامعة مينيسوتا، براد هينز، الباحث في مجال «الزراعة الفولتية»، وهي مجموعة من التقنيات والأساليب المصممة لإنتاج كلٍّ من الطاقة والزراعة، يعمل على حل وسط، ويقول: «نحصد الشمس مرتين؛ حيث تغذي الشمس علف المراعي والمحاصيل، كما تحصد ألواح الطاقة الشمسية، الطاقة من الشمس، وبالنسبة للمزارعين فهم يجنون دخلَين سوياً، دخلاً من الزراعة والمحاصيل الزراعية، وخاصة المحاصيل التي تزدهر تحت ظلال الألواح الشمسية، ودخلاً من ألواح الطاقة الشمسية، والاستفادة من طاقتها في توفير الطاقة للمزارع».
وأوضحت الصحيفة أن هذا ليس هو المشروع الوحيد الذي يجري تنفيذه في أمريكا، فهناك المئات من المشروعات المشابهة، قيد التنفيذ حالياً، وسيؤدي الأفضل منها إلى حدوث ثورة في المناطق الريفية في أمريكا، لتكون أكثر اخضراراً، وأكثر ربحاً، وتتبنَّى الطاقة المتجددة.
وأوضحت الصحيفة أن فكرة ظلال ألواح الطاقة الشمسية، قد تكون مفيدة لزيادة إنتاجية المزارع، تعود إلى أوائل الثمانينيات، وكانت اليابان من أوائل من اكتشفوا تلك الفكرة، وتمَّ إنشاء أول مرفق زراعي معروف في عام 2004، وبحلول عام 2019 كان هناك 1992 مزرعة فولتية في البلاد.
فعلى سبيل المثال، يتمُّ زراعة نبات الشاي الأخضر عالي الجودة تحت شبكات الظل لعدة أسابيع، وتقدم المزارع الفولتية بديلاً رائعاً لاستخدام الشباك، حيث يقوم المزارعون بوضع الألواح الشمسية بعناية لتوفير الظل، وبالتالي التخلص من الحاجة إلى وضع الشباك، والعمالة الباهظة الثمن، وبذلك يوفّر المزارعون نفقات كبيرة، كما يحصلون على أموال طائلة من الطاقة المتجددة، والمحصول المتميز.
الإنتاج أكثر غزارة
وفي الولايات المتحدة يتمُّ التركيز على المحاصيل التي يتمُّ حصادها يدوياً، ففي ولاية أريزونا، وجد الباحثون أن إنتاج الطماطم قد تضاعف تحت ألواح الطاقة الشمسية، وكان أكثر كفاءة بنسبة 65% في استخدام المياه، كما وجدوا أن فلفل «الهالبينو» الأخضر الحار، كان أكثر كفاءة في استخدام المياه بنسبة 167%، ما يعد اكتشافاً هاماً وموفراً للمال، وخاصة بالنسبة للزراعة في المناطق القاحلة، خاصة مع ارتفاع درجة حرارة المناخ.
وأشارت الصحيفة إلى استخدام آخر لألواح الطاقة الشمسية في المزارع، حيث تمَّ تركيبها، لكن بشكل أكثر ارتفاعاً، يسمح بوجود الأبقار تحتها، بحيث تبعد أشعة الشمس الملتهبة عن الأبقار، واكتشفوا أن ذلك يساعدها على زيادة إنتاج الألبان، ويوفر كثيراً، بدلاً من نشر المراوح الكهربائية في حظائر الأبقار.
إلَّا أن نشر ألواح الطاقة الشمسية في المزارع ليس بالأمر السهل، كما أن له تكلفته، وخاصة بالنسبة لتكلفة تركيب ألواح الفولاذ التي تحمل ألواح الطاقة الشمسية، وبالطبع فكلما زادت ارتفاعاً عن الأرض زادت التكلفة، وهناك احتياج إلى رفعها عن الأرض بدرجة تكفي لمرور الآلات الزراعية، لكن ذلك سيكون مكلفاً بدرجة كبيرة.
ولفتت إلى أن المجتمعات الريفية يبدو أنها بصدر مستقبل جديد، من خلال «المزارع الفولتية»، وخاصة في المجتمعات الساعية إلى تنويع اقتصاداتها، والمزارعين الحريصين على إضافة مصدر دخل جديد.