تفوقت الأسهم الإيطالية على نظيراتها الأوروبية اليوم الاثنين بعد فوز الائتلاف اليميني بقيادة جورجيا ميلوني بأغلبية ساحقة في الانتخابات العامة، بينما تراجعت البورصات في أماكن أخرى وسط عزوف عن المخاطرة بعد تشديد بنوك مركزية لسياستها النقدية.
وكان المستثمرون متردّدين الاثنين بين القلق والحذر حيال فوز جورجيا ميلوني، زعيمة حركة من الفاشيين الجدد، في الانتخابات التشريعية في إيطاليا، متسائلين حول قدرتها على خلافة ماريو دراغي الذي مثل ضمانة لمصداقية بلد معروف بافتقاره إلى الاستقرار السياسي.
وانخفض المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 0.4% ليغلق بالقرب من أدنى مستوياته في ديسمبر 2020 بعد عمليات بيع حادة الأسبوع الماضي عندما أظهرت البيانات تباطؤاً في النشاط الاقتصادي في المنطقة وتشديداً للسياسة النقدية لعدد من البنوك المركزية العالمية، ما أدى إلى تعميق المخاوف من حدوث ركود.
ويراهن التجار على أن رفع سعر الفائدة في المملكة المتحدة قد يكون وشيكاً بعد أن بلغ الجنيه الاسترليني مستوى قياسياً منخفضاً مقابل الدولار.
واستقر المؤشر فاينانشال تايمز 100 عند الإغلاق، في حين انخفض مؤشر الشركات المتوسطة في المملكة المتحدة 1.4% ليقترب من أدنى مستوياته في عامَين.
وارتفع المؤشر الإيطالي 1% بدعم من الأسهم المالية بعد فوز تحالف يمين الوسط بأغلبية واضحة في مجلسَي البرلمان، ما قد يمنح إيطاليا فرصة نادرة للاستقرار السياسي بعد اضطرابات وتحالفات هشة على مدى سنوات.
ونزل المؤشر الألماني الرئيسي 0.5% مواصلاً خسائره من الأسبوع الماضي بعد أن أظهرت البيانات انخفاضاً أكبر من المتوقع في معنويات الشركات الألمانية في سبتمبر.
ونزل المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 6.4% منذ بداية الشهر متجهاً إلى انخفاضه للشهر الثاني على التوالي مع مواجهة أوروبا لأزمات الطاقة وارتفاع تكاليف المعيشة في ظل الحرب الروسية الأوكرانية التي تعرقل تدفقات الغاز وتحرك بنوك مركزية نحو تشديد سياساتها النقدية لمكافحة التضخم.
وقادت أسهم البنوك وشركات الرعاية الصحية وبعض القطاعات الدفاعية الانخفاضات اليوم الاثنين.
مخاوف المستثمرين
وفي مؤشر إلى مخاوف المستثمرين حيال ديون إيطاليا الطائلة، ازداد «الفارق السعري» الذي يتابعه المستثمرون عن كثب، ويشير إلى التباين بين نسبة الفائدة على القروض الإيطالية ونسبة الفائدة على قروض بلد مرجعيّ هو ألمانيا، ازداد بـ7,95% ليبلغ 238 نقطة.
غير أن نيكولا نوبايل من مكتب «أوكسفورد إيكونوميكس» قال لوكالة فرانس برس «هذه الزيادة في الفارق السعري معتدلة، الأسواق تلزم نوعاً من الترقّب، تريد أن تعرف ما تنوي جورجيا ميلوني القيام به قبل إبداء ردّ فعل».
وحذّر بأن «المستثمرين ينطلقون من مبدأ أنها ستبقي على الوضع القائم ولن تثير الكثير من البلبلة فيما يتعلق بسياستها المالية، لكن إذا تخطت الحدود على الصعيد الضريبي، فسوف يردّون بقوة».
وعلى سبيل المقارنة، بعد قليل على وصول الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي إلى السلطة في إيطاليا في فبراير 2021، تدني الفارق السعري عن عتبة مئة نقطة لأول مرة منذ 2015.
وكانت الأسواق تتوقع فوز اليمين المتطرف الإيطالي في الانتخابات، وكانت تتساءل حول حجم انتصاره لتحدّد هامش التحرك المتاح لها بعد تسلم جورجيا ميلوني مهامها، وهو ما لن يحصل قبل نهاية أكتوبر.
وفاز حزب ميلوني «فراتيلي ديتاليا» (إخوة إيطاليا) بأكثر من 26% من الأصوات في انتخابات الأحد وفق نتائج جزئية، وستحظى ميلوني مع حليفيها في الائتلاف، حزب «الرابطة» المعادي للهجرة و«فورزا إيطاليا» اليميني، بغالبية مطلقة في مجلسي النواب والشيوخ.
ورأى كريغ إيرلام المحلل لدى «أواندا» أن فوزها «قد يمنح قدراً من الاستقرار السياسي لبلد غالباً ما افتقر إلى ذلك»، في معرض تعليقه على أداء بورصة ميلانو الجيّد.
طريق الحكومة المقبلة مليء بالعقبات
يتحتم على ميلوني معالجة الأزمة الناجمة من الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة نتيجة الحرب في أوكرانيا، في وقت تواجه إيطاليا دينا يمثل 150% من إجمالي ناتجها المحلي، أعلى نسبة في منطقة اليورو بعد اليونان.
وقالت إيبيك أوزكارديسكايا المحللة لدى «سويسكوت بنك» إن «أكبر قلق يساور المستثمرين بالنسبة لميلوني هو معرفة ما إذا كانت الحكومة اليمينية الجديدة في إيطاليا ستبتعد عن الإصلاحات التي أقرها ماريو دراغي والتي سمحت لإيطاليا بالحصول على دعم الاتحاد الأوروبي».
وأضافت: «دراغي كان يعرف كيف يناور مع باقي أوروبا، وهذا لا ينطبق على ميلوني».
وأثار انتخاب جورجيا ميلوني المؤيدة بقوة لرئيس الوزراء القومي المجري فيكتور أوربان، مخاوف شديدة في أوروبا، لا سيما وأن إيطاليا هي المستفيد الأول من خطة الإنعاش الاقتصادي الأوروبية التي تخصص لهذا البلد 200 مليار يورو.
رسائل مطَمئنة
وأكدت ميلوني «سنحكم من أجل جميع» الإيطاليين، ساعية للطمأنة بوجه البلبلة التي أثارها انتخابها في أوروبا.
وعلق المحللون في «يونيكريديت» أنه «خلال الحملة الانتخابية، وجهت جورجيا ميلوني رسائل مطَمئنة حول سياستها المالية وعلاقة إيطاليا بالاتحاد الأوروبي، لكن المستثمرين سيحتاجون إلى بعض الوقت ليقيّموا ما إذا كانت تنوي الوفاء بوعودها».
ويتوقع مصرف «إيكويتا» الاستثماري الإيطالي ارتفاعاً محدوداً للفارق السعري خلال الأسابيع المقبلة يتراوح بين 230 و250 نقطة «إلا إذا غيرت الحكومة المقبلة نبرتها».
ولزمت ميلوني الحذر خلال الحملة الانتخابية فنأت بنفسها عن وعود الرابطة المكلفة وأبدت تحفظاً حيال أي تمويل إضافي يُلحق بالميزانية.