محمد عبدالرحمن

انخفض الجنيه الاسترليني إلى مستوى قياسي، الاثنين؛ ما أثار التوقعات بارتفاع طارئ في أسعار الفائدة في المملكة المتحدة في أعقاب حزمة الخفض الضريبي للمستشار كواسي كوارتنج، الأسبوع الماضي.

وفقدت العملة ما يصل إلى 4.7% لتتداول عند أدنى مستوى لها عند 1.035 دولار في وقت مبكر من الصباح قبل أن تستقر حول 1.07 دولار، جاء الاضطراب بعد أن تعهد كوارتنج في عطلة نهاية الأسبوع بالتمسك بحملته لخفض الضرائب؛ ما أثار تحذيرات من أن المملكة المتحدة تدخل أزمة عملة.

وجاء الانخفاض المبكر بالجنيه الاسترليني إلى أدنى مستوى له منذ بدء النظام الحالي للعملات العائمة في عام 1971، وقد أدى ذلك إلى زيادة حدة الانتقادات للبيان المالي يوم الجمعة، عندما أعلن وزير المالية عن موجة جديدة ضخمة من الاقتراض لتمويل 45 مليار جنيه استرليني من التخفيضات الضريبية للحد من ارتفاع فواتير الطاقة، بحسب فاينانشيال تايمز.

وقال فاسيليوس جكيوناكيس، رئيس استراتيجية الصرف الأجنبي في سيتي جروب: «المملكة المتحدة الآن في خضم أزمة عملة».

كما انخفض الجنيه الاسترليني بنسبة 3.7% مقابل اليورو يوم الاثنين إلى 1.0787 يورو، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ سبتمبر 2020.

أخبار ذات صلة

معرض دبي للطيران 2023 ينطلق الاثنين.. ماذا ننتظر؟
بريطانيا: حظر أدوات المائدة البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد اعتباراً من أكتوبر

وصعد التجار من رهاناتهم على زيادة طارئة في أسعار الفائدة قبل الاجتماع القادم لبنك إنجلترا في نوفمبر، وارتفعت أسعار أسواق المشتقات بأكثر من 0.5 نقطة مئوية في غضون أسبوع، وبزيادة تقارب 1.5 نقطة مئوية بحلول اجتماع نوفمبر.

وامتنع البنك المركزي عن التعليق على ما إذا كان يخطط لعقد اجتماع طارئ لسعر الفائدة هذا الأسبوع.

ولم تعلق وزارة الخزانة يوم الاثنين على تحركات السوق، وقال كوارتنغ لصحيفة فاينانشيال تايمز في مقابلة، الأسبوع الماضي: «أنا دائماً هادئ، الأسواق تتحرك في كل وقت، من المهم للغاية الحفاظ على الهدوء والتركيز على الاستراتيجية طويلة المدى».

وتفتقر المملكة المتحدة إلى الموارد، وربما أيضاً الرغبة، في محاولة التدخل المباشر في أسواق العملات لدعم الجنيه، على عكس نظرائهم في اليابان، الذين تدخلوا الأسبوع الماضي، مع ذلك اجتمعت لجنة السياسة النقدية التي يحددها بنك إنجلترا خارج الدورة العادية عندما كانت الأسواق مضطربة في الماضي في محاولة لاستعادة الهدوء.

ولم يرفع بنك إنجلترا المعدلات أبداً بين الاجتماعات المقررة منذ حصوله على الاستقلال في عام 1997.

قال سوشيل وادواني، مدير الأصول وصانع السياسة السابق في بنك إنجلترا: «إذا كنت لا أزال في بنك إنجلترا، فسوف أميل إلى الإعلان عن اجتماع إضافي في غضون أسبوع»، واستمرت ديون الحكومة البريطانية في الانخفاض يوم الاثنين بعد عمليات البيع المكثفة يوم الجمعة، وهو أسوأ يوم لسوق الذهب منذ أوائل التسعينيات.

وارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات، والذي يرتفع مع انخفاض الأسعار، بنسبة 0.23 نقطة مئوية إلى 4.06%، مرتفعاً من نحو 3.5% قبل الإعلان المالي يوم الجمعة، وضعف الجنيه الاسترليني إلى أدنى مستوى له منذ عام 1985 يوم الجمعة، دون 1.09 دولار، وهو المستوى الذي انخفض خلاله يوم الاثنين.

وتأتي التخفيضات الضريبية في وستمنستر؛ حيث من المتوقع بالفعل أن تنفق المملكة المتحدة 150 مليار جنيه استرليني لدعم تكاليف الطاقة للمستهلكين والشركات، وسيتم تمويل جزء كبير من هذا الاقتراض من خلال السندات الذهبية.

على عكس التخفيضات الضريبية الكبيرة في الثمانينيات، يقترض كوارتنج عشرات المليارات من الجنيهات الاسترلينية لتمويل خططه؛ ما يزيد الطلب في الوقت الذي يرفع فيه بنك إنجلترا معدلات الفائدة للسيطرة على التضخم.

وقال منصور محيي الدين، كبير الاقتصاديين في بنك سنغافورة: «يبدو أننا نتجه نحو دوامة نراها عادة في أزمات الأسواق الناشئة؛ حيث يكافح صانعو السياسة لإعادة تأكيد مصداقيتهم».

وقال محيي الدين إن ثقة المستثمرين في الجنيه الاسترليني قد قوضت بسبب التوقعات بأن الدين العام في المملكة المتحدة يسير الآن على «مسار صعودي غير مستدام» بينما لا تزال البلاد تعاني «عجزاً كبيراً في الحساب الجاري».

وأضاف: «إذا واصلنا رؤية هذه التحركات الضخمة في السوق، فسيتعين على بنك إنجلترا رفع أسعار الفائدة، ربما بقدر نقطة مئوية واحدة، لمحاولة استقرار الجنيه».

ورفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة بمقدار 0.5 نقطة مئوية يوم الخميس، بعد زيادة بنسبة 0.75 نقطة مئوية للمرة الثالثة على التوالي من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في اليوم السابق.

وقال محللو صرف العملات الأجنبية في جولدمان ساكس: «لقد جادلنا بأن الطريق إلى الأمام للجنيه الاسترليني سيعتمد -بشكل كبير- على الاستجابة النقدية للتضخم على المدى القريب، والإجراءات المالية جيدة الاستهداف، ولكن حتى الآن كان التجاوب أقل من المتوقع».

وقالت راشيل ريفز، مستشارة الظل، إنه «مع الإنفاق الواسع غير الممول على الجانب المالي الذي لا مثيل له بالسياسة النقدية لتعويض الدافع التضخمي، فمن المرجح أن تضعف العملة أكثر». وقال ريفز، الاقتصادي السابق في بنك إنجلترا، إن أسعار الفائدة المرتفعة تزيد من سوء كلفة المعيشة للأسر.

ووعد حزب العمال بإلغاء بعض التخفيضات الضريبية في الميزانية المصغرة ليوم الجمعة -على التأمين الوطني وضريبة الشركات وإلغاء معدل 45 بنساً- لكنه سيبقي التخفيض الذي يلوح في الأفق في ضريبة الدخل الأساسية من 20 بنساً إلى 19 بنساً.