اختتم وزراء مالية مجموعة العشرين، السبت، اجتماعهم في إندونيسيا دون إصدار بيان مشترك، لتعذُّر التوصل إلى توافق حول طريق التعامل مع ملف الغزو الروسي لأوكرانيا. فيما قالت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين إنها عقدت اجتماعات مثمرة بشأن تحديد سقف مقترح لأسعار النفط الروسي على هامش الاجتماع.
وخلال الاجتماع الذي استمر يومين في جزيرة بالي، سعى المشاركون إلى إيجاد حلول لأزمتَي الغذاء والطاقة الدوليتين، وكذلك لأزمة تسارع التضخم.
لكن الاجتماعات شهدت مواجهة جديدة وسجالات بين الغربيين الذين يحمّلون التدخل الروسي في أوكرانيا مسؤوليات التأزم الاقتصادي العالمي، والروس الذين يحمّلون الغرب مسؤولية تدهور الاقتصاد العالمي من خلال العقوبات التي فرضها على موسكو.
وندّدت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، الجمعة، بالحرب الروسية على أوكرانيا التي «أحدثت موجات صدمة في الاقتصاد العالمي»، فيما اتهم وزراء غربيون المسؤولين الاقتصاديين الروس بالتواطؤ في الفظاعات المرتكبة في أوكرانيا.
وعوضاً عن البيان المشترك الاعتيادي، اقترحت إندونيسيا التي نظّمت اجتماع مجموعة العشرين هذا العام، إصدار بيان باسم رئاسة المجموعة، وفق وزيرة مالها سري مولياني إندراواتي.
وقالت الوزيرة في المؤتمر الصحفي الختامي «سنصدر ملخصاً للرئاسة يشرح ما تمكنّا من تحقيقه في مجموعة العشرين».
ومن أصل 14 مقطعاً، تعذّر تحقيق إجماع الأعضاء على اثنين يتّصلان بـ«تداعيات الحرب وكيفية الاستجابة لها»، وفق حاكم المصرف المركزي الإندونيسي بيري وارجيو.
مخاطر مضاعفة
وكان الحاكم قد دعا المشاركين في افتتاح القمة إلى مضاعفة الجهود من أجل التوصل إلى سياسات اقتصادية منسّقة، في توقيت تتضاعف فيه المخاطر التي يواجهها الاقتصاد العالمي.
وعلى الرغم من غياب التوافق، دعت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا الدول الأعضاء في مجموعة العشرين إلى «بذل كل ما بوسعهم من جهود من أجل خفض التضخم»، وتكييف سياساتهم النقدية والتعاون في ما بينهم، وذلك في بيان نشر عقب الاجتماع.
وحذّرت غورغييفا من أن «الآفاق تزداد قتامة»، كما أشارت إلى أن خطر «الاضطرابات الاجتماعية» يتزايد بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة.
ويأتي التحذير بعد أشهر فقط من خفض صندوق النقد توقعاته للنمو العالمي للعامين 2022 و2023، ومن المتوقع أن يخفّض توقعاته مجدداً في يوليو.
وفي مواجهة معدّل تضخّم أعلى من المتوقع في يونيو، ينظر أعضاء في مجلس حكام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (المصرف المركزي) في إمكان رفع معدّلات الفائدة في اجتماعهم المقبل.
ومن شأن هذا التوجه، لا سيما بعدما رفع الاحتياطي الفيدرالي معدّلات الفائدة مراراً في الأشهر الأخيرة، أن يثير مخاوف من دخول الولايات المتحدة في ركود اقتصادي، وأن يزيد هواجس البلدان النامية التي تخشى خروج الرساميل من أسواقها.
وطغت الحرب الدائرة في أوكرانيا على المناقشات لا سيّما حول تداعياتها على الأسواق، ومفاقمتها أزمتَي الغذاء والطاقة.
وتتّبع إندونيسيا سياسة خارجية قائمة على عدم الانحياز، ولم ترضخ لضغوط دول غربية طالبتها باستبعاد روسيا من الاجتماع.
وشارك وزير المال الروسي أنطون سيلوانوف في الاجتماع عبر تقنية الفيديو، فيما شارك فيه مسؤولان روسيان حضورياً.
كذلك خاطب نظيره الأوكراني سيرغي مارشنكو المشاركين عبر الفيديو داعياً إلى فرض «عقوبات أكثر شدة» على موسكو.
ويعتبر الاجتماع تحضيرياً لقمة مجموعة العشرين التي سيشارك فيها قادة دول المجموعة، وتستضيفها بالي في نوفمبر.
مخاطر قائمة
ومن أجل التصدي لتزايد المخاطر التي تهدد الأمن الغذائي في العالم، دعا صندوق النقد والبنك وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة ومنظمة التجارة العالمية في بيان مشترك إلى اتّخاذ إجراءات عاجلة في أربعة مجالات رئيسية.
ومساء الجمعة شدّدت غورغييفا في تغريدة على ضرورة «تقديم الدعم للفئات الأكثر ضعفاً، وتعزيز الإنتاج الغذائي والاستثمار في الزراعات المقاومة للتغير المناخي».
وتعتزم إندونيسيا تنظيم اجتماع مشترك لوزراء الزراعة والمال من أجل التصدي للمخاطر التي تهدد الأمن الغذائي.
وأعلنت وزيرة المال الإندونيسية أنه تم إحراز «تقدم» على صعيد إصلاح النظام الضريبي العالمي بما يلحظ فرض ضريبة حد أدنى نسبتها 15% على أرباح الشركات الدولية بحلول العام 2024.
كبح النفط الروسي
قالت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، اليوم السبت، إنها عقدت اجتماعات مثمرة بشأن تحديد سقف مقترح لأسعار النفط الروسي مع مجموعة من الدول على هامش اجتماع لوزراء مالية مجموعة العشرين.لكن الوزيرة الإندونيسية أشارت إلى أن هذه المسألة لم تطرح خلال اجتماع مجموعة العشرين.
وقالت يلين إن اجتماعاتها على المستوى الثنائي ومشاركتها في الجلسات الأوسع لمجموعة العشرين في إندونيسيا ركزت على التكلفة البشرية والاقتصادية لتدخل روسيا في أوكرانيا.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية إن يلين التقت بمسؤولين ماليين من السعودية وأستراليا وجنوب أفريقيا وتركيا وسنغافورة.
وقالت يلين للصحفيين خارج مكان الاجتماع «فيما يتعلق بتكاليف الطاقة، عقدت اجتماعات ثنائية مثمرة مع أكثر من ستة من نظرائي؛ حيث ناقشنا إيجابيات وضع سقف للسعر، وكيف يمكن أن يساعدنا هذا في تحقيق أهدافنا المتمثلة في حرمان (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين من عوائد آلة الحرب الخاصة به، مع الحد كذلك من تكاليف الطاقة».
وأضافت أن تحديد سقف للسعر من «أقوى أدواتنا للتصدي لارتفاع الأسعار التي يواجهها الناس في أمريكا وحول العالم».