ربحت الولايات المتحدة المعركة الرامية إلى خفض قيمة الدولار بعد الأزمة المالية لعام 2008، واليوم تكسب المعركة الرامية إلى تعزيزه، وفي كلتا الحالتين، أثبت بنك الاحتياطي الفيدرالي أنه الأقوى بين البنوك المركزية الكبرى.
فهل يعد ذلك جزءاً من عملية إعادة التوازن الأساسية للاقتصاد العالمي أم تجاوزاً هائلاً؟
ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن اليورو اقترب من التعادل، بينما يستمر الين في أدنى مستوياته منذ عقود، وفي ظل حرب عملة عكسية، ها هي أمريكا تفوز مرة أخرى، حيث زادت قيمة الدولار عن سنت واحد بقليل عن التعادل مع اليورو لأول مرة منذ عام 2002، وهو الأقوى مقابل الين منذ عام 1998.
وعزّز مزيج من المنطق الاقتصادي والدعم النقدي من قوة الدولار، حيث تدفع البيئة الاقتصادية العامة حركة الدولار وتساعد على استعادة بعض التوازن للاقتصاد العالمي.
ويبرر واقع الاقتصاد وجود دولار قوي، وذلك ليس لأن النمو في الولايات المتحدة قوي على وجه الخصوص، بل لأن الأماكن الأخرى أسوأ، إذ ترجع القفزة الأخيرة ضد اليورو والين إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، والتهديد بقطع الإمدادات الروسية بالكامل.
كما ستتأثر اليابان وألمانيا بشكل خاص لكونهما من كبار مستوردي الطاقة ومصدري الآلات، وبالتالي سيعاد توجيه الاستثمارات الجديدة.
صرح جوناس غولترمان، كبير اقتصاديي الأسواق في «كابيتال إيكونوميكس»: "بالنسبة لأي صناعة تستهلك الطاقة بكثافة، تبدو الولايات المتحدة أفضل الآن، حيث اكتسبت قدرة تنافسية كبيرة وتحسنت معدلات التبادل التجاري فيها أيضاً، يَظهر هذا في العملة الأقوى، كما أنه واضح في البيانات الاقتصادية المدفوعة بالطاقة، حيث ترتفع تكاليف الاستيراد في كل من اليابان وألمانيا، فيما سجلت ألمانيا في مايو أول عجز تجاري لها في السلع منذ عام 1991.
تعزز العملة الأضعف التضخمَ، وتجعل الصادرات أكثر قدرة على المنافسة على حساب المستهلكين الذين لا يمكنهم شراء المواد المستوردة، بينما يحدث العكس في الولايات المتحدة، إذ يجعل الدولار القوي التصدير أكثر صعوبة، ويقلل من الأرباح الأجنبية للشركات الأمريكية متعددة الجنسيات ويجعل السلع المستوردة أرخص، ما يساعد الاحتياطي الفيدرالي على مكافحة التضخم.
يعد المنطق النقدي واضحاً جداً، إذ يحقق المال في الولايات المتحدة عائدات أعلى من بقية العالم المتقدم، حيث يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة لمحاولة مكافحة التضخم، ويقول البنك المركزي الأوروبي إنه سيفعل ذلك، لكنه لم يفعل ذلك بعد، في حين لن يفعل بنك اليابان ذلك، ومع تراجع التوقعات بارتفاع أسعار الفائدة لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي في الأسابيع الأخيرة، وتنامي المخاوف من الركود، انخفضت توقعات منطقة اليورو بسرعة أكبر، كما يتلقى الدولار دعماً من الفجوة بين عوائد السندات لعامين في الولايات المتحدة وأوروبا.
يعد اليورو منطقياً عند التعادل نظراً للحرب في أوكرانيا، في حين يعمل الين ملاذاً في الأوقات الصعبة، لكنه ضَعُف أكثر مع ارتفاع مخاوف الركود العالمي في الأسابيع الأخيرة، فكلما كان سعر الصرف أكثر تمدداً، كان التصحيح في نهاية المطاف أكبر وأسرع، ولكن من دون محفز، لن نرى ما يدفع الدولار إلى التحول.