عكفت دوائر سياسية صينية على إعادة قراءة توجهات الرئيس الأمريكي جو بايدن، لا سيما في ظل تخليه عن تحالفات الولايات المتحدة التقليدية، والتمسك بسياسة «الغموض الاستراتيجي»، وإدارة علاقاته مع بكين بما يتناقض وأفكاره قبل تولي الرئاسة. ويرى عدد من المحللين الصينيين أن رئاسة بايدن تجسد أسوأ سياسات الإدارات الأمريكية بالنسبة للمصالح الصينية؛ فالرئيس الديمقراطي لا يواصل سياسة سلفه العنيفة تجاه بكين، وإنما على العكس من دونالد ترامب، يصر على الصدام مع صديق الماضي شي جين بينغ، لدرجة أن المسؤولين في بكين اكتشفوا أن التعاطي مع ترامب كان أقل تعقيداً من خلفه في البيت الأبيض.
وعلى مدى عقود طويلة، ظن قادة الصين إلماماً بكافة جوانب شخصية بايدن؛ فالأخير تعايش أكثر من أي رئيس أمريكي مع رجالات الدولة الصينية، لعب كرة السلة مع شي جين بينغ خلال تولي كل منهما منصب نائب الرئيس، وادعى بايدن في فبراير 2021 أن حصيلة اجتماعاته مع شي بلغت 25 ساعة؛ بالإضافة إلى شجار ناعم حول ملف حقوق الإنسان مع الرئيس السابق جيانغ زيمين؛ ومشاكسات مع الزعيم الأسطوري دنغ شياو بينغ حول مزايا التعاون العسكري بين واشنطن وبكين. لكن بايدن أثبت للجميع فور تولي الرئاسة أن ما سبق تنصيبه يغاير تماماً ما تلاه، وأن ثبات سياساته يدخل في درب المستحيل، حتى وصلت حكومة بكين إلى قناعة بأن رئيس الإدارة الأمريكية الـ46 الذي توقعته ليس هو القاطن في البيت الأبيض.
ربما اتضحت قناعات الصين بهذا الخصوص بعد تنصيب بايدن في 2021، إذ شعر بعض مراقبي الصين لدى الغرب بالحيرة إزاء تفادي شي جين بينغ تسريع وتيرة عقد اجتماع مع بايدن؛ رغم أنه لم يتردد في عقد لقاء قمة مع دونالد ترامب بعد شهرين فقط من تنصيبه؛ وفي حين حذرت دوائر سياسية في بكين من مغبة تعرض شي للإحراج من جانب الرئيس الأمريكي الجديد، رأت حاشية النظام في بكين أنه يمكن التعامل مع ترامب وإبرام صفقة معه، ووفق توصيات تلقاها رأس النظام الصيني حينئذ: «نحن بحاجة للتبكير بتعزيز علاقة شي مع ترامب لتهميش الصقور». أما فيما يتعلق ببايدن، وفقاً لمصدر أمريكي مطلع، ففطن الصينيون إلى الفارق الكبير بين الطريقة التي يتحدث بها ونظيرتها على لسان مستشاريه.
خشونة بالغة
وحسب ما نقلته صحيفة «فورين بوليسي» عن خبير العلاقات الدولية بجامعة رينمين في بكين شي ين هونغ: «لا بد أن تعترف الصين بأن بايدن الذي عرفته قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية، يغاير تماماً بايدن ما بعد التنصيب، لم تتوقع بكين الرسمية (خشونة بهذا القدر في تعامل بايدن معها)». وبعد مرور عام على رئاسته، تزايد قلق القادة الصينيين إزاء سياسة بايدن، التي غايرت نظيرتها لدى سلفه ترامب، وتجسَّدت في تعمُّده التخلي عن حلفاء الولايات المتحدة. وفي حين كان الانسحاب الأمريكي من أفغانستان «فوضوياً»، حسب تعبير الصحيفة الأمريكية، سارعت إدارة بايدن في استعادة التعاون والشراكة مع خصوم بكين في آسيا والمحيط الهادئ وهم يراقبون بعصبية صعود نفوذ الصين.
وبينما راقب شي جين بينغ طريقة رد الولايات المتحدة على الحرب الأوكرانية، ركَّز رأسه بطبيعة الحال في تايوان؛ فلا تصر بكين على اعتبار تايوان جزءاً من الصين فقط، وإنما تحرص على توحيدها مع البر الرئيسي بالقوة إذا لزم الأمر؛ وهو ما دعا شي إلى تحذير بايدن من أن تايوان خط أحمر. وحسب وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا»، وجه شي رسالة شديدة اللهجة بخصوص التحركات العسكرية الأمريكية حول تايوان، قائلاً: «هذه التحركات خطيرة للغاية، تماماً مثل اللعب بالنار، من يلعب بالنار سيحترق حتماً بها». ويقود ملف تايوان إلى فارق جوهري آخر بين ترامب وبايدن ذي صلة بالصين؛ فالرئيس الجمهوري كان يشيد علناً بالقادة الأقوياء وجنح إلى التعامل بمعايير أمريكية طويلة الأمد مع الصين، وأشار بصفته رئيساً منتخباً إلى أن سياسة «صين واحدة» التأسيسية عديمة الفائدة «ما لم نبرم صفقة مع الصين تتعلق بأمور وملفات أخرى، بما في ذلك التجارة»، وانطلاقاً من تلك السياسة كان المسؤولون الصينيون سعداء بإمكانية أن تصبح تايوان ورقة مساومة قد يتخلى عنها ترامب، بحثاً عن صفقاته التجارية الوهمية والفاشلة في نهاية المطاف مع بكين.
غريزة بايدن
ويلاعب جو بايدن الصين حالياً بورقة ترسيخ الديمقراطية في تايوان وضرورة حمايتها، حتى أنه سقط في هفوات بسبب تلك المعتقدات. في أكتوبر الماضي، وخلال اجتماع لشبكة CNN، رد بايدن على سؤال صحفي حول ما إذا كانت الولايات المتحدة عاقدة العزم على حماية تايوان إذا هاجمتها الصين، وقال: «نعم، لدينا التزام بذلك»، لكن هذا التعبير لا يعكس السياسة الرسمية للولايات المتحدة، وإنما يندرج في إطار ما يوصف بـ«الغموض الاستراتيجي» في ما يتعلق بتايوان، وحسب بول هاينل، مدير وحدة الصين في مجلس الأمن القومي الأمريكي إبان إدارتي جورج دبليو بوش وباراك أوباما، تظهر تصريحات بايدن في هذا الخصوص غريزته حول ما ينبغي على الولايات المتحدة فعله للدفاع عن تايوان، ما يخلق عامل الردع، وأضاف المسؤول الأمريكي الأسبق: «يكشف ذلك معتقدات بايدن الشخصية وقناعاته الراسخة، بطبيعة الحال، تفضل بكين ترامب في هذه الحالة، لا سيما أنه لم يهتم بملف الديمقراطية في تايوان».
رد استباقي
أما فيما يخص الملف الأوكراني، فيتناقض رد بايدن الاستباقي على العملية العسكرية في أوكرانيا مع رد فعل الولايات المتحدة في 2014 حين عزت روسيا وضمت شبه جزيرة القرم، وبصرف النظر عن الاتصالات العاجلة المتعلقة بأوكرانيا، كانت نقطة الاتصال الأكثر أهمية بين شي وبايدن هي عقد اجتماع افتراضي لمدة 3 ساعات ونصف الساعة في نوفمبر 2021؛ وبعد الاجتماع قال بايدن لشبكة CNN: «لا أريد حرباً باردة مع الصين. أريد فقط أن أجعل الصين تفهم أننا لن نتراجع إلى الوراء، ولن نغير أياً من وجهات نظرنا».
وتفرض علامات استفهام كبيرة نفسها عند الربط بين ملفي أوكرانيا وتايوان، وآليات عمل الولايات المتحدة لردع الصين عند عبور مضيق تايوان، وفي هذا السياق يقول إيفان ميديروس، أستاذ الدراسات الآسيوية في جامعة جورج تاون، والمدير السابق لإدارة آسيا في مجلس الأمن القومي الأمريكي إبان إدارة أوباما: «تدرك الولايات المتحدة جيداً أن الصين ليست روسيا، وأن أوكرانيا ليست تايوان، لكن التعاطي الأمريكي غير المباشر مع الحالة الأوكرانية – في إطار الردع – لن يختلف كثيراً عن الحالة التايوانية»، واستشهد الباحث الأمريكي بتقديرات موقف صينية حول ردع إدارة بايدن المتوقع في تايوان، ويأتي في طليعته حرب المعلومات، ورعاية وتعزيز التحالفات القائمة بعناية.
صورة نمطية
ورغم استحالة الوقوف على ما يدور في رأس شي جين بينغ حيال جو بايدن، فإن سياسات ومعتقدات بايدن تتناغم وصورة نمطية صينية طويلة الأمد عن المعسكر الديمقراطي في الولايات المتحدة، إذ يتميز بالحديث صراحة عن ملف حقوق الإنسان، وعزوف عن الشراكات الأمريكية الكبرى، ومهارة أقل في السياسة الواقعية مقارنة بالمعسكر الجمهوري. وتم التعبير عن وجهة النظر الصينية في وقت مبكر من 1972، عندما قام الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون برحلته الرائدة إلى الصين للقاء ماو، وقال ماو، حسب مذكرات نيكسون: «أنا أحب اليمينيين»، وجمع ماو الحزب الجمهوري الأمريكي وحزب المحافظين البريطاني والاتحاد الديمقراطي المسيحي في ألمانيا الغربية معاً وأعرب عن سعادته «حين يصل هؤلاء الأشخاص اليمينيون إلى السلطة». ورغم فضيحة ووترغيت الشهيرة، ما زال نيكسون يحظى باحترام كبير لدى الصين لأنه خلق تقارباً تاريخياً بين واشنطن وبكين؛ ولا يزال مساعده السابق هنري كيسنجر يعتبر لدى الدبلوماسيين الصينيين «نجم روك» في السياسة الخارجية. وفي خطاب ألقاه بمناسبة الذكرى الـ50 لزيارة نيكسون، نسب سفير الصين لدى واشنطن تشين قانغ، الفضل في علاقات بلاده مع الولايات المتحدة إلى «دبلوماسية نيكسون البراغماتية»، التي ساهمت في تنمية الولايات المتحدة والصين، «وخلقت مجتمعاً متماسكاً في البلدين، يتمتع بمصالح اقتصادية لا تنفصم، وعلاقات «أكبر من أن تفشل».
وتعترف «فورين بوليسي» في نهاية تقريرها بأنه بعيداً عن التقارب أو التباعد بين الصين والمعسكرين الأمريكيين الجمهوريين والديمقراطيين، يؤمن الرئيس الصيني شي جين بينغ بأن بلاده تنهض على حساب أفول نجم الولايات المتحدة، لذا تنطوي العلاقات بين البلدين على أهمية كبيرة لتصفية خلافات وتوترات في مختلف أرجاء الكرة الأرضية.
وعلى مدى عقود طويلة، ظن قادة الصين إلماماً بكافة جوانب شخصية بايدن؛ فالأخير تعايش أكثر من أي رئيس أمريكي مع رجالات الدولة الصينية، لعب كرة السلة مع شي جين بينغ خلال تولي كل منهما منصب نائب الرئيس، وادعى بايدن في فبراير 2021 أن حصيلة اجتماعاته مع شي بلغت 25 ساعة؛ بالإضافة إلى شجار ناعم حول ملف حقوق الإنسان مع الرئيس السابق جيانغ زيمين؛ ومشاكسات مع الزعيم الأسطوري دنغ شياو بينغ حول مزايا التعاون العسكري بين واشنطن وبكين. لكن بايدن أثبت للجميع فور تولي الرئاسة أن ما سبق تنصيبه يغاير تماماً ما تلاه، وأن ثبات سياساته يدخل في درب المستحيل، حتى وصلت حكومة بكين إلى قناعة بأن رئيس الإدارة الأمريكية الـ46 الذي توقعته ليس هو القاطن في البيت الأبيض.
ربما اتضحت قناعات الصين بهذا الخصوص بعد تنصيب بايدن في 2021، إذ شعر بعض مراقبي الصين لدى الغرب بالحيرة إزاء تفادي شي جين بينغ تسريع وتيرة عقد اجتماع مع بايدن؛ رغم أنه لم يتردد في عقد لقاء قمة مع دونالد ترامب بعد شهرين فقط من تنصيبه؛ وفي حين حذرت دوائر سياسية في بكين من مغبة تعرض شي للإحراج من جانب الرئيس الأمريكي الجديد، رأت حاشية النظام في بكين أنه يمكن التعامل مع ترامب وإبرام صفقة معه، ووفق توصيات تلقاها رأس النظام الصيني حينئذ: «نحن بحاجة للتبكير بتعزيز علاقة شي مع ترامب لتهميش الصقور». أما فيما يتعلق ببايدن، وفقاً لمصدر أمريكي مطلع، ففطن الصينيون إلى الفارق الكبير بين الطريقة التي يتحدث بها ونظيرتها على لسان مستشاريه.
وحسب ما نقلته صحيفة «فورين بوليسي» عن خبير العلاقات الدولية بجامعة رينمين في بكين شي ين هونغ: «لا بد أن تعترف الصين بأن بايدن الذي عرفته قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية، يغاير تماماً بايدن ما بعد التنصيب، لم تتوقع بكين الرسمية (خشونة بهذا القدر في تعامل بايدن معها)». وبعد مرور عام على رئاسته، تزايد قلق القادة الصينيين إزاء سياسة بايدن، التي غايرت نظيرتها لدى سلفه ترامب، وتجسَّدت في تعمُّده التخلي عن حلفاء الولايات المتحدة. وفي حين كان الانسحاب الأمريكي من أفغانستان «فوضوياً»، حسب تعبير الصحيفة الأمريكية، سارعت إدارة بايدن في استعادة التعاون والشراكة مع خصوم بكين في آسيا والمحيط الهادئ وهم يراقبون بعصبية صعود نفوذ الصين.
وبينما راقب شي جين بينغ طريقة رد الولايات المتحدة على الحرب الأوكرانية، ركَّز رأسه بطبيعة الحال في تايوان؛ فلا تصر بكين على اعتبار تايوان جزءاً من الصين فقط، وإنما تحرص على توحيدها مع البر الرئيسي بالقوة إذا لزم الأمر؛ وهو ما دعا شي إلى تحذير بايدن من أن تايوان خط أحمر. وحسب وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا»، وجه شي رسالة شديدة اللهجة بخصوص التحركات العسكرية الأمريكية حول تايوان، قائلاً: «هذه التحركات خطيرة للغاية، تماماً مثل اللعب بالنار، من يلعب بالنار سيحترق حتماً بها». ويقود ملف تايوان إلى فارق جوهري آخر بين ترامب وبايدن ذي صلة بالصين؛ فالرئيس الجمهوري كان يشيد علناً بالقادة الأقوياء وجنح إلى التعامل بمعايير أمريكية طويلة الأمد مع الصين، وأشار بصفته رئيساً منتخباً إلى أن سياسة «صين واحدة» التأسيسية عديمة الفائدة «ما لم نبرم صفقة مع الصين تتعلق بأمور وملفات أخرى، بما في ذلك التجارة»، وانطلاقاً من تلك السياسة كان المسؤولون الصينيون سعداء بإمكانية أن تصبح تايوان ورقة مساومة قد يتخلى عنها ترامب، بحثاً عن صفقاته التجارية الوهمية والفاشلة في نهاية المطاف مع بكين.
غريزة بايدن
ويلاعب جو بايدن الصين حالياً بورقة ترسيخ الديمقراطية في تايوان وضرورة حمايتها، حتى أنه سقط في هفوات بسبب تلك المعتقدات. في أكتوبر الماضي، وخلال اجتماع لشبكة CNN، رد بايدن على سؤال صحفي حول ما إذا كانت الولايات المتحدة عاقدة العزم على حماية تايوان إذا هاجمتها الصين، وقال: «نعم، لدينا التزام بذلك»، لكن هذا التعبير لا يعكس السياسة الرسمية للولايات المتحدة، وإنما يندرج في إطار ما يوصف بـ«الغموض الاستراتيجي» في ما يتعلق بتايوان، وحسب بول هاينل، مدير وحدة الصين في مجلس الأمن القومي الأمريكي إبان إدارتي جورج دبليو بوش وباراك أوباما، تظهر تصريحات بايدن في هذا الخصوص غريزته حول ما ينبغي على الولايات المتحدة فعله للدفاع عن تايوان، ما يخلق عامل الردع، وأضاف المسؤول الأمريكي الأسبق: «يكشف ذلك معتقدات بايدن الشخصية وقناعاته الراسخة، بطبيعة الحال، تفضل بكين ترامب في هذه الحالة، لا سيما أنه لم يهتم بملف الديمقراطية في تايوان».
رد استباقي
أما فيما يخص الملف الأوكراني، فيتناقض رد بايدن الاستباقي على العملية العسكرية في أوكرانيا مع رد فعل الولايات المتحدة في 2014 حين عزت روسيا وضمت شبه جزيرة القرم، وبصرف النظر عن الاتصالات العاجلة المتعلقة بأوكرانيا، كانت نقطة الاتصال الأكثر أهمية بين شي وبايدن هي عقد اجتماع افتراضي لمدة 3 ساعات ونصف الساعة في نوفمبر 2021؛ وبعد الاجتماع قال بايدن لشبكة CNN: «لا أريد حرباً باردة مع الصين. أريد فقط أن أجعل الصين تفهم أننا لن نتراجع إلى الوراء، ولن نغير أياً من وجهات نظرنا».
وتفرض علامات استفهام كبيرة نفسها عند الربط بين ملفي أوكرانيا وتايوان، وآليات عمل الولايات المتحدة لردع الصين عند عبور مضيق تايوان، وفي هذا السياق يقول إيفان ميديروس، أستاذ الدراسات الآسيوية في جامعة جورج تاون، والمدير السابق لإدارة آسيا في مجلس الأمن القومي الأمريكي إبان إدارة أوباما: «تدرك الولايات المتحدة جيداً أن الصين ليست روسيا، وأن أوكرانيا ليست تايوان، لكن التعاطي الأمريكي غير المباشر مع الحالة الأوكرانية – في إطار الردع – لن يختلف كثيراً عن الحالة التايوانية»، واستشهد الباحث الأمريكي بتقديرات موقف صينية حول ردع إدارة بايدن المتوقع في تايوان، ويأتي في طليعته حرب المعلومات، ورعاية وتعزيز التحالفات القائمة بعناية.
صورة نمطية
ورغم استحالة الوقوف على ما يدور في رأس شي جين بينغ حيال جو بايدن، فإن سياسات ومعتقدات بايدن تتناغم وصورة نمطية صينية طويلة الأمد عن المعسكر الديمقراطي في الولايات المتحدة، إذ يتميز بالحديث صراحة عن ملف حقوق الإنسان، وعزوف عن الشراكات الأمريكية الكبرى، ومهارة أقل في السياسة الواقعية مقارنة بالمعسكر الجمهوري. وتم التعبير عن وجهة النظر الصينية في وقت مبكر من 1972، عندما قام الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون برحلته الرائدة إلى الصين للقاء ماو، وقال ماو، حسب مذكرات نيكسون: «أنا أحب اليمينيين»، وجمع ماو الحزب الجمهوري الأمريكي وحزب المحافظين البريطاني والاتحاد الديمقراطي المسيحي في ألمانيا الغربية معاً وأعرب عن سعادته «حين يصل هؤلاء الأشخاص اليمينيون إلى السلطة». ورغم فضيحة ووترغيت الشهيرة، ما زال نيكسون يحظى باحترام كبير لدى الصين لأنه خلق تقارباً تاريخياً بين واشنطن وبكين؛ ولا يزال مساعده السابق هنري كيسنجر يعتبر لدى الدبلوماسيين الصينيين «نجم روك» في السياسة الخارجية. وفي خطاب ألقاه بمناسبة الذكرى الـ50 لزيارة نيكسون، نسب سفير الصين لدى واشنطن تشين قانغ، الفضل في علاقات بلاده مع الولايات المتحدة إلى «دبلوماسية نيكسون البراغماتية»، التي ساهمت في تنمية الولايات المتحدة والصين، «وخلقت مجتمعاً متماسكاً في البلدين، يتمتع بمصالح اقتصادية لا تنفصم، وعلاقات «أكبر من أن تفشل».
وتعترف «فورين بوليسي» في نهاية تقريرها بأنه بعيداً عن التقارب أو التباعد بين الصين والمعسكرين الأمريكيين الجمهوريين والديمقراطيين، يؤمن الرئيس الصيني شي جين بينغ بأن بلاده تنهض على حساب أفول نجم الولايات المتحدة، لذا تنطوي العلاقات بين البلدين على أهمية كبيرة لتصفية خلافات وتوترات في مختلف أرجاء الكرة الأرضية.