يشهد الطلب على القروض الشخصية في الوقت الراهن انتعاشاً كبيراً في ظل النشاط الذي شهدته حركة التوظيف خلال الفترة الماضية، وتنامي الإحساس بالأمان الوظيفي، ما يحفز الراغبين في الحصول على تمويل للتغلب على ترددهم.
ويؤدي التحسن الاقتصادي بشكل عام إلى خلق حركة طلب على القروض الشخصية من قبل مختلف الشرائح، وذلك على الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة على مختلف القروض بشكل نسبي.
وأكد مصرفيون أن ارتفاع أسعار الفائدة يؤثر عادة بالسلب في حركة القروض، لكن الفائدة ما زالت حتى الآن ضمن نسب جيدة وغير مؤثرة في حجم الطلب، موضحين أن ارتفاع سعر القرض بنسبة 1% على سبيل المثال لن يجعل العميل متردداً في الحصول على القرض.
وبينوا أن الإحساس بالأمان الوظيفي وتحسن الحالة الاقتصادية هما العاملان الأكثر حسماً في قرار الاقتراض من عدمه.
وتبدأ أسعار القروض الشخصية في الوقت الراهن من حدود 3% كفائدة ثابتة، أي من حدود الـ5.5 أو 6% تقريباً كفائدة متناقصة، مع وجود بعض العروض التي يمكن أن تقل عن ذلك المستوى.
وبحسب رصد لـ«الرؤية» تعرض بعض البنوك قروضاً دون حاجة لتحويل الراتب، ولكن الفائدة الثابتة عليها تزيد على 7% أي أكثر من 12 أو 13% كفائدة متغيرة.
14 شهراً من الارتفاعات
ووفق البيانات المتوافرة من المصرف المركزي، شهدت قروض الأفراد حالة من التذبذب خلال 2020، ولكنها عادت إلى مسلسل الارتفاعات المتتالية لمدة 14 شهراً متواصلاً منذ يناير 2021، حتى آخر بيانات صادرة عن المركزي، لتصل إلى أعلى مستوى عند 352 مليار درهم نهاية فبراير الماضي.
الشعور بالاستقرار
يحيد المخاوف قال الخبير المصرفي حسن الريس، إن أغلب المتعاملين مروا بمرحلة طويلة من التحفظ تجاه الحصول على تسهيلات ائتمانية جديدة، وذلك منذ انتشار جائحة كورونا وزيادة معدلات الخوف من تخفيض الدخل، أو حتى خسارة العمل، لكن اليوم ومع عودة الانتعاش الاقتصادي والزخم إلى حركة التوظيف فالمعادلة تغيرت.
وأوضح أن الشعور العام بالاستقرار ينعكس إيجاباً على الإنفاق من جهة وعلى الاقتراض من جهة أخرى، فالكثير من المتعاملين أو أغلبهم يشعر بأنه تخطى المرحلة الصعبة، وبالتالي بات بإمكانه التصرف بطريقة طبيعية والاقتراض عند الحاجة.
أسعار لا تزال مغرية
وحول أثر أسعار الفائدة، أشار إلى أن الأسعار محلياً لا تزال مغرية إلى الآن، على الرغم من ارتفاع سعر الفائدة، لا سيما أن مثل هذه الارتفاعات لا تجعل العملاء يتراجعون عن قرار الحصول على تسهيل ائتماني، خاصة أن مستويات التضخم تشير إلى احتمالية ارتفاع أسعار السلع، وبالتالي تجعل من قرار شرائها حالياً أكثر جدوى.
الاستقرار الوظيفي
وبدوره، أفاد المصرفي أحمد عرفات، بأن الفترة الراهنة تشهد حركة كبيرة وضغطاً في حجم الطلبات على أقسام المبيعات في البنوك، لافتاً إلى اجتماع العديد من العوامل التي تقود الطلب، منها حركة التوظيف النشطة خلال الفترة السابقة وأثرها في القروض حالياً، وذلك وسط حالة من الانتعاش الاقتصادي في السوق المحلي وما يرتبط بها من ارتفاع معدلات الشعور بالأمان الوظيفي.
وتابع: «من يشعر بالقلق قد يتراجع عن قرار الحصول على قرض أو يؤجل الفكرة، وما أن يصل إلى مرحلة الاستقرار حتى يطلب القرض الذي يريده».
وأشار إلى أن حركة التوظيف تنعكس مباشرة على القروض، لا سيما الشخصية منها، فالموظف الذي أتم فترة الاختبار على سبيل المثال يصبح جاهزاً للحصول على التمويل، وهذا ما نشهده عادة. وحول أثر ارتفاع أسعار الفائدة في حركة القروض، أوضح عرفات، أن سعر الفائدة مهم في خلق الطلب، لكنه على أرض الواقع ليس العامل الأهم، فالعملاء الذين يحتاجون إلى مبلغ تمويل معين لن يترددوا في الحصول عليه مع ارتفاع الفائدة 1% على سبيل المثال.
انتعاش التوظيف
وتوقعات إيجابية وحول حركة التوظيف، أشارت المديرة الإدارية للموارد البشرية في بيت.كوم، عُلا حداد، إلى أن سوق العمل في دولة الإمارات تحديداً شهد تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة من العام الماضي وبدايات العام الجاري، نتيجة للتأثيرات الإيجابية التي أحدثها معرض إكسبو 2020.
وتوقعت أن تشهد عمليات التوظيف في الدولة تحسناً ملموساً خلال 2022، مشيرة إلى نتائج مؤشر فرص العمل التي أجراها بيت.كوم ويوجوف في وقت سابق، حيث صرّح 72% من أصحاب العمل في الإمارات بأنهم ينوون تعيين موظفين جدد خلال عام 2022، وهذه النسبة زادت بمقدار 8% عن العام الماضي، حين قال 64% من أصحاب العمل إنهم يخططون للتوظيف خلال عام 2021.
وأوضحت حداد أن دولة الإمارات واحدة من أكثر البلدان جاذبية للعيش والعمل، فهي دائماً ما تصدر قوانين جديدة تدعم كلاً من المواطنين والمغتربين، إلى جانب حرصها على مواكبة أحدث التقنيات والتطورات التكنولوجية، الأمر الذي يجعلها وجهة جذابة لرواد الأعمال والمستثمرين من كافة أنحاء العالم، والذي بدوره ينعكس على اقتصاد الدولة وما يترتب عليه من زيادة في فرص العمل.