عقارات دبي والطلب الحقيقي
بينما تسجل معدلات التضخم ارتفاعات قياسية في سائر أنحاء العالم، لا يزال مؤشر أسعار المستهلكين تحت السيطرة في دولة الإمارات، وأيضاً في إمارة دبي، حيث بلغت 4.6% في أبريل الماضي.
وفي ضوء ذلك، فإن تأثير ذلك على سوق العقارات السكنية في دبي يبقى محدوداً في الوقت الراهن، حيث تلامس المبيعات العقارية ما بين شهري يناير ومايو 2022 حاجز 90 مليار درهم نتجت من خلال 34 ألف معاملة، لتكون بذلك أعلى قيمة مبيعات على الإطلاق خلال تلك الفترة، وذلك استناداً لأحدث البيانات الصادرة عن دائرة الأراضي والأملاك.
وبالفعل شهدت أسعار العقارات ارتفاعات ملحوظة، ولكنها تبقي مرتبطة في الأساس بزيادة الطلب الحقيقي على العقار. ورغم تلك الارتفاعات الأخيرة، فإنها لا تزال أقل بكثير من ذروتها قبل 8 سنوات، إلا أن التوقعات تعطي لمحة بأنها قد تتجاوز ما تم تسجيله في عام 2014 لا سيما في ظل توافر الفرص المغرية في القطاع والتي تستوجب الاقتناص حالياً.
كما جاءت الزيادة في الأسعار على وقع ارتفاع أسعار مواد البناء، متأثرة بزيادة معدل التضخم، ما أدي إلى رفع تكاليف البناء، وصاحب ذلك ارتفاع خدمات الصيانة وغيرها من الرسوم الأخرى المرافقة.
ومن المتوقع أن يكون العام الحالي استثنائياً لقطاع العقارات مدفوعاً بطلب من المستثمرين الأجانب، وأيضاً من الطلب المحلي وذلك مع التعافي الاقتصادي المدفوع بانتعاش التجارة والسياحة.
وتاريخياً فإن العقارات تعد وسيلة تحوط وملاذ استثمار آمناً من موجات التضخم، بناء على قاعدة أن الدخل الناتج عن الاستثمار في العقار يميل إلى مواكبة أسعار المستهلك.
وأرى أن القطاع العقاري في دبي يمكن أن يتيح فرصة لتجنب الآثار السلبية للتضخم، ولكن فقط إذا كانت اتجاهات العرض والطلب مواتية واقتناص الفرص المناسبة ذات العوائد الجيدة، لذلك يجب اختيار المناطق بدقة.
وما زال الطلب من المستثمرين الأجانب هو المحرك الأساسي للسوق العقارية في دبي، ومن المتوقع أن يستمر هذا الزخم وبنفس القوة خلال الأعوام المقبلة، حيث لا تزال دبي ملاذاً آمناً ووجهة جذابة للمستثمرين العقاريين من جميع أنحاء العالم. وحتى مع قيام مصرف الإمارات المركزي برفع أسعار الفائدة أسوة بالفيدرالي الأمريكي.
نظراً للربط بين الدرهم والدولار، لم يتأثر سوق العقارات في دبي، حيث تستمر معاملات الرهن العقاري في الانخفاض خلال مايو الماضي، ما يشير إلى أن ارتفاع حجم المبيعات يأتي من المشترين والمستثمرين النقديين، حيث بلغت قيمة الرهون العقارية 4.8 مليار درهم مقابل 6.5 مليار درهم بانخفاض قدره 26%، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، فيما انخفض عدد صفقات الرهن إلى 1959 صفقة بانخفاض قدره 12.6%، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.