كشفت الأزمة الأوكرانية واقعاً فعلياً لمواقف الغرب يتناقض مع ادعاءاته في التمسك بمبادئ مثل الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان وفرض العقوبات على دول تعتبر مارقة في تلك المجالات.
لم يكن مستغرباً أن تتموقع الولايات المتحدة وأوروبا في موقف مساند لأوكرانيا ودفعها لاستمرار الحرب بهدف استنزاف العدو اللدود «روسيا». مليارات من الدولارات انهالت على شكل مساعدات إنسانية وعسكرية.
في الجانب الاقتصادي قرر الغرب فرض عقوبات على روسيا لإضعافها وبحجة تقليص أمد الحرب.. من الواضح لا توجد حلول سحرية لحجب الغاز الروسي والنفط الروسي بشكل فوري أو خلال أمد قصير. أوروبا اتخذت القرار ومن ثم بدأت بالبحث عن بدائل!!
الغرب بشكل عام يسعى لتأمين النقص الحاصل في النفط والغار والغذاء نتيجة حزم العقوبات المفروضة على روسيا والتي قادت إلى ارتفاع معدلات التضخم لمستويات تجاوزت الـ8%.
بعد العقوبات المفروضة على فنزويلا من قبل الولايات المتحدة بسبب «الديمقراطية» و«حقوق الإنسان» سمحت لشركتين، إيطالية وإسبانية بشحن النفط الفنزويلي إلى أوروبا.
الهند وبسبب الخصم الكبير الذي تمنحه لها روسيا والذي يصل إلى 40 دولاراً تحت السعر المرجعي لخام برنت زادت استيرادها من النفط الخام الروسي في مايو لأكثر من 850 ألف برميل بارتفاع أكثر من 514% عما كانت عليه الكميات المستوردة في نفس الشهر من العام الماضي، ومن المتوقع أن يتجاوز الاستيراد المليون برميل خلال يونيو الحالي، فقد استفادت المصافي الهندية وأخذت بتصدير المنتجات النفطية المكررة (المصفّاة) من خام الأورال الروسي إلى أستراليا التي قاطعت منتجات النفط الروسية!
يبدو واضحاً أيضاً غض الطرف عن صادرات النفط الإيراني رغم العقوبات الأمريكية، وإيقاف ناقلة بترول تحمل نفطاً إيرانياً مهرباً قبالة سواحل اليونان مجرد حركة أمريكية لذر الرماد في العيون.
بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي يقترحون معاقبة أوبك بموجب مشروع قانون مقترح NOPEC والذي يتطلب تعديل قانون آخر أمريكي لا يجيز معاقبة الشركات السيادية!
تمت مصادرة أموال رجال أعمال روس بحجة كونهم «أصدقاء الرئيس الروسي»! وهذا السلوك يتعارض مع قوانين حرية التجارة وقوانين الاستثمار الأجنبي!
بريطانيا التي تنادي بالحريات وانهالت على روسيا بسيل من الاتهامات تتخذ قراراً بنقل طالبي اللجوء على أراضيها إلى رواندا في أفريقيا واستثنت منهم اللاجئين الأوكرانيين!!
كنا نصف هذه السلوكيات بالمعايير المزدوجة.. اليوم هذا الوصف لم يعد كافياً.. إنها مزيج من التعالي، والغرور، والنفاق، والعنصرية.
أرى أن الغرب يدفع وسيدفع ثمناً اقتصادياً واجتماعياً باهظاً نتيجة هذه السياسات المتناقضة!