اكتنفت حالة من الغموض، إعلان وفاة ضابط في الحرس الثوري الإيراني، وثارت التساؤلات حول طريقة الوفاة، وهل هي حلقة في سلسلة الاغتيالات التي يتعرض لها القادة الإيرانيين، وما تشكّله هذه الحوادث المتتابعة من خطر على النظام الإيراني، وقدرته على إنتاج جيل جديد من القادة المؤمنين بالثورة الإيرانية، خاصة في ظل حالة الانفتاح التي يعيشها العالم، والمشاكل الاقتصادية والحياتية التي تواجه الشعب الإيراني. وأعلنت إيران، الجمعة، مقتل عقيد آخر من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، في حادثة تُعدُّ الثانية خلال أسبوعين. ووفقاً لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا»، فقد تُوفّي العقيد علي إسماعيل زاده، في «حادث وقع بمقر إقامته» قبل أيام في مدينة كرج، التي تقع على بعد حوالي 35 كيلومتراً شمال غرب العاصمة طهران، بحسب ما نقلت أسوشيتد برس.ولم تذكر «إرنا» تفاصيل الحادث، لكن مصادر وصفتها أسوشيتد برس بـ«المجهولة» نفت «الأنباء التي تحدثت عن اغتيال العقيد». وقالت قنوات إخبارية مقربة من الحرس الثوري، إن إسماعيل زاده «سقط من على سطح منزله أو من شرفته».
وفي مايو، أطلق مسلحان مجهولان على دراجة نارية، النار على العقيد حسن صياد خدائي، خمس مرات في سيارة أمام مقر إقامته في طهران. واتهمت إيران الولايات المتحدة وحلفاءها، بما في ذلك إسرائيل، بالوقوف وراء الحادثة. وعادة ما تُلقي إيران باللوم على إسرائيل في عمليات قتل من ذلك النوع.ويشكّل إعلان مقتل زاده ضربة موجعة جداً لفيلق القدس والحرس الثوري الإيراني بعد وقت قريب من مقتل خدائي، والمفارقة أن زاده على علاقة جيدة وثيقة به، وهذا الأمر يثير الكثير من علامات الاستفهام، بحسب مدير المركز العربي للبحوث والدراسات والباحث في الشأن الإيراني هاني سليمان.
وقال سليمان في تصريحات خاصة إن: هناك روايات مختلفة ومتناقضة عن طريقة مقتل زاده، منها أنه سقط من أعلى منزله، أو أنه يعاني مشاكل نفيسة أدّت لانتحاره، لكن الغموض يظل مسيطراً على المسألة، إذا وضعنا في الاعتبار التوقيت وطريقة الإعلان وجملة التفاصيل، وسط انتشار الاحتجاجات ضد النظام، وحالة التصدع السياسي والإداري في البلاد منذ وصول إبراهيم رئيسي للرئاسة.وأضاف أن: اغتيال أو مقتل العديد من قادة الحرس الثوري الإيراني وخصوصاً من فيلق القدس يكشف الخلل الواضح في القدرات الأمنية الخاصة بالحرس الثوري وحالة الاختراق الأمنية وضعف القدرات الاستخباراتية وتأمين القادة، رغم الهالة الكبيرة التي يحيط بها الحرس نفسه.
وأشار إلى أن من تمّ اغتيالهم قادة على أعلى مستوى، وبدأت هذه المسألة مع اغتيال قاسم سليماني في العراق، ثم أبو مهدي المهندس، ما أثر بشكل كبير على قدرة وتأثير الحرس الثوري في المناطق التي كان سليماني يمارس فيها سلطات واسعة خارج البلاد.وأوضح سليمان، أن: اغتيال الرُّتب العليا يطرح إشكالية شديدة الصعوبة ومأزقاً للحرس، والأزمة أن هذا الجيل من القادة تربّى مع الثورة، ويحتل مناصب عُليا في هذا التوقيت، وتشبّع بالأيديولوجيا الثورية، لافتاً إلى أن هذه الأزمة ستكون موجودة خلال العقدين المقبلين في ظل عدم وجود قواعد تشبعت بالحماس الثوري.