الأورجانيك.. أسعار مرتفعة ووجاهة وفوائد لم تحسمها الدراسات

تباينت آراء مستهلكين في حديثهم مع «الرؤية» حول ضرورة اقتناء الأطعمة العضوية بين من يدافعون عنها ويرون أنها الأجدر بالاستخدام رغم ارتفاع ثمنها، وبين من يرون أن الفروقات بينها وبين الأطعمة العادية ليست كبيرة لذلك هم ليسوا في حاجة لاقتنائها لا سيما أنها تكلف الميزانية ما لا طاقة لها به.

وحدد المائلون لاختيار الأطعمة العضوية، عدداً من الأسباب التي دفعتهم إلى اللجوء إليها ومنها نظافة طرق إنتاج هذه الأغذية، وخلوها من المواد الكيماوية والأسمدة، وقربها للطبيعة بعيداً عن أية أضرار بيئية سواء للتربة أو للحيوانات، إلى جانب اعتقاد البعض أنها تساعد على خسارة الوزن.

في حين برر مستهلكون لجوء البعض إلى الأطعمة «الأورجانيك» بأنه نوع من الوجاهة الاجتماعية والتفاخر على مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرين إلى أن السوشيال ميديا ساهمت كثيراً في بروز هذا النوع من الأطعمة، حيث يستخدم كثيراً في عدد كبير من الحملات الإعلانية والدعائية للعديد من الشركات والمطاعم التي تروج لطعامها على أنه صحي.

وأكد مستهلكون أن غلاء أسعار المواد الغذائية كالخضراوات والفواكه العضوية يجعلهم يتجنبون شراءها، منوهين بأن استهلاكها بطريقة سريعة شبه يومية، يثقل الميزانية بشكل كبير، خاصةً إن كان استهلاكاً أسرياً، الأمر الذي يجعل الأمر غير مجدٍ مادياً، إلا أنهم يعتقدون أن إنفاق مبالغ مالية على منتجات غذائية يمكن استهلاكها على المدى البعيد غير يومي كالزبدة والزيت، إلى جانب مستحضرات العناية بالشعر والبشرة، يجدونه مجدياً مادياً واستهلاكياً إلى حد ما.

تلقى الأطعمة العضوية اهتماماً من فئة محددة من الأفراد، نتيجة ارتفاع أسعارها بالمقارنة مع بقية المنتجات الغذائية المصنعة بطرق تقليدية، فعلى سبيل المثال يصل سعر كيلو الطماطم العضوية إلى 35 درهماً، بينما يراوح سعر كيلو الطماطم العادية بين 2 و7 دراهم، وكذلك قد يصل كيلو الخيار العضوي إلى 50 درهماً، بينما يراوح سعر كيلو الخيار العادي بين 2 و6 دراهم تقريباً، أي أن فرق أسعار الخضار والفواكه العضوية عن العادية قد يصل إلى ثلاثة أضعاف.

ويعود سبب ارتفاع سعر الأطعمة العضوية، إلى تقنيات الزراعة الخاصة التي تخلو من المواد الكيماوية والمبيدات الحشرية، وتختلف من شركة لأخرى، اعتماداً على نوعيات تربة خاصة وتقنيات الزراعة المائية وغيرها من تقنيات قد ترتفع كلفتها عن وسائل الزراعة التقليدية.

أكد معن سعيد، مؤسس شركة مزارع كريسب العضوية أن هناك فرقاً بين الزراعة العضوية والزراعة المائية، من حيث التقنية المستعملة، ولكن كلتيهما لا تتضمن أي مواد كيماوية وتعتمد على الطبيعة، فضلاً عن التحكم بأحوال الحرارة والرطوبة والمياه والحرارة، كما أنها تتسم باستهلاك المياه أقل بنسبة 90%، كل تلك التقنيات تزيد من سعر المواد الغذائية العضوية.

ولفت إلى أن معظم المواد الغذائية العضوية الموجودة بالأسواق هي إنتاج محلي، من ناحية الخضار ولكنها موجودة بكميات قليلة، لذلك هنالك اعتماد على الاستيراد من بلدان العالم مثل هولندا وإسبانيا والتي تشتهر بأنواع ورقيات يتم شحنها عبر الطائرات والتي تزيد من كلفة البضاعة أيضاً ما يجعلها غير صديقة للبيئة 100%.

وأضاف: أصبحت كلمة مواد عضوية وسيلة تسويق وترويج العديد من الشركات، واعتبارها جزءاً مهماً من الصحة، لكن أصبح لدى الناس وعي بمسألة المواد العضوية ومصدرها وطريقة زراعتها.

وأكد أن قطاع الأطعمة العضوية في الإمارات يشهد زخماً كبيراً، نتيجة تزايد اهتمام المستهلكين بالأغذية الصحية والأطعمة ذات المنشأ الطبيعي.

تميل دانة طارق، 20 عاماً، لاختيار الأطعمة العضوية لاعتقادها أنها تساعد على خسارة الوزن، كونها جاءت بطرق طبيعية لا تحتوي على نسب كبيرة من الدهون المشبعة، فضلاً عن اعتبارها منتجات غذائية صديقة للبيئة، الأمر الذي يساهم في الحفاظ على صحة وحياة الإنسان بصورة أكثر اتزاناً من المواد الغذائية التي تأتي بطرق مصنعة بعيدة عن الطبيعة.

ولفتت دانة إلى أن أكثر ما يعجبها في الأطعمة العضوية أنها ليست مجرد طعام صحي أكثر فحسب، بل تجدها ألذ طعماً أيضاً، مشيرة إلى أن أكثر ما يعجبها في هذا النوع من الأطعمة هو أنه يساعد على استدامة البيئة، الأمر الذي يدفعها أكثر إلى الاعتماد على الأغذية العضوية.

دفع سبب طبي جودي أحمد، 18 عاماً، إلى تناول المواد الغذائية العضوية في مجموعات الألبان والأجبان، كونها تعاني حساسية تجاه اللاكتوز، الأمر الذي يمنعها من تناول منتجات الألبان والأجبان البقرية.

وأشارت إلى أن الاتجاه لبدائل الألبان والأجبان العضوية قد ساعدها على تجاوز مشاكل الحساسية وبعض مشاكل الشعر والبشرة التي كانت تعانيها لفترة طويلة سابقاً.

ترى نور شحادة، 26 عاماً، أن اختيار المواد الغذائية العضوية بصورة كاملة وبنسبة 100% قد يكون صعباً نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية العضوية، إلا أن نور تحرص على اختيار منتجات الدجاج والبيض العضوية تحديداً لتأثير الهرمونات التي يتم حقن الدواجن بها بهدف زيادة إنتاج المزارع، على صحة الجسم والبشرة والشعر.

وتفضل شحادة الاستعانة بالمواد العضوية التي يمكن استهلاكها على مراحل طويلة، مثل الكريمات الخاصة بالشعر والبشرة والتي تستخدم على المدى الطويل، متمنية أن تجد فروقاً سعرية معقولة بين المنتجات العضوية والتقليدية، حتى تستطيع كل الميزانيات استقطاب هذه المواد.

تحرص زينة محمد، 31 عاماً، على شراء الزيوت العضوية كزيت جوز الهند العضوي وزيت الزيتون العضوي، وتعتبرها أفضل جودة من الزيوت المكررة والمصنعة بطرق أخرى.

ولفتت إلى أن هناك اختلافاً في كثافة ونكهة الزيت العضوي عن الزيت المصنع، مشيرة إلى أنها لامست فرقاً واضحاً عند تغييرها لنوعية الزيوت العضوية في تحضير ماسكات العناية بالشعر والبشرة تحديداً.

عانت خلود الشعالي، 30 عاماً، لعدة سنوات من حساسية البشرة والأكزيما الفطرية تحديداً، إلا أنها لم تجد علاجاً لبشرتها سوى مستحضرات العناية بالبشرة المكونة من زبدة الشيا العضوية، والتي يزيد سعرها على منتجات زبدة الشيا غير العضوية بما يقارب 3 أضعاف.

وقالت: أحياناً كثيرةً عندما يرتبط المنتج بصحة الإنسان بشكل مباشر، نصبح أكثر قناعة ورضا بإنفاق مبالغ باهظة بهدف الشعور بالراحة والتخلص من المعاناة والألم، لذلك أؤمن بأهمية المستحضرات المكونة من مواد عضوية 100%، ولا أعتبرها جانباً ترويجياً للعلامة لأن التجربة خير برهان."

تحرص روضة محمد، 32 عاماً، منذ انضمامها لنادي الأمومة، وتربيتها طفلها الأول على اختيار مواد غذائية ومستحضرات عناية بالبشرة عضوية 100%، مشيرةً إلى أن الفترة الأولى من نمو جسم الطفل فترة حساسة وتتطلب عناية دقيقة، ولا يمكن تعريضها لمخاطر المواد الغذائية ومستحضرات العناية بالبشرة المصنعة والكيماوية، والتي قد تسبب العديد من المشاكل الصحية الهضمية والحساسيات وغيرها.

وقالت: «حرصت على اختيار أبسط المستحضرات لطفلي كالشامبو ومرطبات البشرة والزيوت، من النوعية العضوية 100%، منذ بدئي بعملية التجهيز لاستقباله كطفل».

وأضافت: أكملت الروتين نفسه في اختيار المواد الغذائية العضوية له عندما بدأت إطعامه طعاماً صلباً، كالطماطم والخيار والجزر والفراولة والخضار الورقية، الأمر زاد ميزانية البيت بأكثر من 40% تقريباً، إلا أن صحة طفلي وسلامته تستحق كل ذلك الفرق.

وحول القيمة الغذائية للأطعمة العضوية، أفادت اختصاصية التغذية العلاجية تسنيم عبيد، بأن الدراسات والأبحاث المتعلقة بالمواد الغذائية العضوية وتأثيرها المباشر على الجسم ومدى وقايتها للجسم من الإصابة بأية أمراض، ما زالت غير كافية وواضحة بشكل كامل يوضح أن المواد الغذائية العضوية تحمي صحة الإنسان، أو أنها تساهم بخسارة الوزن.

وقالت: "انتشرت حملات ترويجية كثيرة بفضل منصات التواصل الاجتماعي حول المواد الغذائية العضوية، لذلك ازداد الإقبال عليها والاهتمام بها مؤخراً، ولكن علمياً لا فرق بين القيمة الغذائية الموجودة بالفواكه والخضراوات العضوية عن غيرها، عدا أن تلك العضوية قد تكون غنية أكثر بالفيتامينات والمعادن خاصةً أنها قد زُرعت بطريقة مختلفة ساهمت بامتصاص النباتات لمزيد من المعادن والفيتامينات من التربة، على عكس تلك المزروعة بطرق تقليدية."

وأشارت إلى أن هناك دراسات علمية لا تزال تؤكد أنه لا يوجد فرق كبير في المكونات الغذائية بين الأطعمة العضوية والعادية، وأن الفروق تجارية بحتة فقط، لافتة إلى أن العديد من الدراسات تذهب إلى أبعد من ذلك، من خلال التأكيد على أن الأغذية العضوية ليست جيدة كما يعتقد معظم الناس، حيث لا يعني ارتفاع أسعار المنتج أن جودته عالية، إذ تشتهر المنتجات العضوية بسعرها المرتفع في الغالب مقارنة مع المنتجات العادية.