إن كنت عضواً في الشبكات الاجتماعية وبعض تطبيقات الهاتف فلا شك أنك تتابع بعض الناس ويتابعك بعض الناس، فهل تعتبر من يتابعك أصدقاءً أم جمهوراً؟ قد يبدأ أحدنا في متابعة القليل من الأصدقاء وتكون البداية جميلة لأنك تتبادل الأفكار مع من تعرف، ثم تتسع الدائرة ليتابعك أناس لا تعرفهم وتتابع أناساً لا يعرفونك ويتحول المتابعون من أصدقاء إلى جمهور، وهذا يغير المكان الذي تستخدمه للتواصل مع الآخرين فيتحول من مقهى إلى مسرح.
في مسرح الشبكات الاجتماعية أنت فرد في الجمهور وأحد الممثلين كذلك، أنت تجلس على كرسي لتشاهد وفي نفس الوقت تضع نفسك على المسرح ليشاهدك الناس، هكذا صممت الشبكات الاجتماعية لكي تجعل من حياتنا الشخصية مواقف نعرضها على الآخرين، ونشارك بالكثير من التفاصيل الشخصية، بعض الناس يشاركون بصور ومقاطع فيديو لأفراد العائلة صغاراً وكباراً، وهناك من جعل العائلة مصدراً للدخل بتحويلهم إلى ممثلين، واكتسبوا شيئاً من الشهرة ويتابعهم أكثر من مليون شخص في قناة يوتيوب، لكن يوتيوب كغيره من المواقع يطمع في المزيد من صناع المحتوى وهكذا تصبح قناة يوتيوب عملاً آخر لشركة لا توظف صناع المحتوى ولا حتى تحميهم من شركات قد تسرق جهودهم.
أذكر بدايات انضمام الناس للشبكة في منتصف وأواخر التسعينيات، كان الناس على حذر فيما يتعلق بكل تفاصيل حياتهم الشخصية، الأسماء مستعارة وليست حقيقية، ولا ينشر أحد صورة لنفسه وأكثر الناس لا ينشرون أي نوع من الصور، المنتديات أخذت النصيب الأكبر من وقت الناس وقد كانت ساحات للنقاش المكتوب، هذا لم يمنع الناس من تكوين علاقات وصداقات عابرة للحدود.
هذا كله تغير بمقدم الشبكات الاجتماعية وارتفاع سرعات الاتصال بالشبكة وانخفاض كلفتها، ما الذي يدفعنا للمشاركة بتفاصيل حياتنا الشخصية مع الغرباء؟ لماذا نشعر بأننا نريد إثارة إعجابهم وننتظر منهم ردة الفعل؟ ننتظر تعليقاً أو ضغطة على زر الإعجاب أو إعادة التغريد، ما الذي سيحدث لو توقف أحدنا عن محاولة إثارة إعجاب الآخرين من خلال الشبكات الاجتماعية؟
لا شك أن الفرد يريد قبول الآخرين وإعجابهم وهذا أمر عادي، لكن كل شيء في الشبكات الاجتماعية غير عادي ولا طبيعي بسبب حجمها الكبير، الفرد منا يستطيع التواصل مع قلة من الناس حوله لكن في الشبكة يمكنه الوصول للآلاف وحتى الملايين من الناس وهنا تكمن المشكلة، والحل سيكون بوضع حد لما تشارك به.