مساكين أولئك الناس الذين يبثون الشائعات، وكأن لسان حالهم يقول: هذا ما نريده، وقد يصدقون الكذبة بعد انتشارها، على أمل أن تصبح واقعاً، وغالبها أوهام غير منطقية.
هذه الحيل يستخدمها البعض للترويج لنفسه في حال وجود فراغ وظيفي في منصب ما، ويقوم بترشيح اسمه لعل التكهنات التي أطلقها تصل إلى صاحب القرار، وكثيراً ما تتكرر نفس الأسماء، لأن مرسليها هم أنفسهم، وتخيب ظنونهم مع الوقت.
هي نفس الأوهام التي يطلقها البعض من خلف الهواتف المتحركة عند وضع منشور أو "بوست"عن انخفاض أسعار الوقود بشكل مبالغ فيه، ونجدها تنتشر بصورة كبيرة، رغم أنها غير مبنية على منطق، كون أسعار النفط عالمياً متباينة، والغريب هو تداولها من قبل مختصين ومثقفين!
وآهٍ على موضوع تغيير الإجازة الأسبوعية، نرى مطلقي الشائعات يوهمون الناس بأن التعديل قريب جداً، بحيث تتحول الإجازة إلى 3 أيام عوضاً عن يومين.. دفعوها لهذا الاتجاه دفعاً، ولم يفكروا في إرجاعها كما كانت حينما كان العمل يوم الأحد بدلاً من الجمعة، فتلاحظ بحثهم عن الراحة والكسل لا الإنجاز، ومن يدري قد تكون هذه المسألة على طاولة الدراسة ولنا فيها مقال.
وعدِّد على ذلك كله من تكهنات واستراتيجيات، بث الشائعات التي أخذت جوانب عدة، ولعل أغربها من يطلق العنان للغيبيات فتجده يقول هناك أخبار ستسركم بعد عدة أيام، مبيناً أن لديه معلومات حصرية، مجسداً شخصية الفنان سعد الفرج بمسرحية «حامي الديار» الذي يوهم الناس أنه أحد رواد مجلس «عروقه في الماي» وهو دليل على الفخامة، معتقداً أنه سيحصل على تقدير أكبر مجتمعياً، وإن صادف وتحقق شيء من تكهناته تجده يتفاخر بأنه كان لديه علم مسبق.. «ودّي أصدق ولكن قوية قوية».
وأضف إلى ذلك من ممارسات كنت أعتقد أن المجتمع قد تخطاها مع تكرارها وأصبح أكثر دراية في تقريب المسائل قبل إعادة بثها للناس، ولكننا ندور في نفس الدائرة ونفس الأقاويل مع تحديث السيناريوهات وفق المتغيرات.
وهنا تكمن خطورة صناعة الوهم، والتي يجب أن تحارَب مجتمعياً، وخاصة في منصات التواصل الاجتماعي التي بها الكثير من الذين نعتد بآرائهم ولديهم خبرات عملية وعلمية كبيرة، ويمكنهم وأد مثل هذه الممارسات، وخاصة الخبيثة منها التي غالباً ما تكون على ما يُذكر «المعنى في بطن الشاعر» والذي يحق له ما لا يحق لغيره، ولكن حتى هؤلاء- أحياناً- تجد تغريداتهم بها أخطاء وجمل مرتبكة.
لا نزال نراهن على الوعي المجتمعي لوقف هذه الشائعات والممارسات التضليلية، ولا يحتاج الأمر أكثر من صدِّها عند وصولها إلى هاتفك، وعدم تداولها في مجلس أو مقهى..
وبعضهم يأتيه اتصال للتأكد من المعلومة، فتجده يتلون و«يتلوم».