جهاد العبيد

أعلنت الصين وروسيا ترحيبهما بالمملكة العربية السعودية ودولة الأرجنتين للانضمام إلى مجموعة بريكس، حيث اعتبرت الصين أن الخطوة التالية لهذه المجموعة هي التوسع تحت مسمى بريكس بلس، التي تم الإعلان عنها عام 2017، وبريكس هي مجموعة مكونة من 5 دول، هي: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، مساحة هذه الدول تمثل ربع اليابسة، وعدد سكانها يمثل 40% من عدد سكان العالم، وهي بلا شك تمثل قوة اقتصادية كبيرة تقارب 30%؜ من الناتج المحلي العالمي، الهدف من هذه المجموعة هو تأسيس نظام موازٍ للنظام المالي العالمي حالياً، كانت الفكرة واعدة وتسير بروية حتى جاء الغزو الروسي لأوكرانيا وانهال الغرب على موسكو بالعقوبات، فاكتسبت أهمية أكبر، وسُلّط الضوء عليها بشكل جعل تطبيقها والتوسع فيها أمراً ملحاً، خصوصاً لروسيا والصين اللتين تتعرضان لضغوطات وعقوبات غربية مختلفة.

دول البريكس لا يشملها تحالف سياسي، وهي تتحرك وفق رغبتها بالتأثير في التجارة العالمية، إلا أن تقاطع المصالح السياسية ستكون له كلمة كبرى في تحقيق هذه الغاية من عدمها، حيث لا يمكن تجاهل الولايات المتحدة وأوروبا والتي تتعارض مصالحهما مع الصين كقطب تجاري منافس، وروسيا كعدو أزلي يهدد استقرار أوروبا ويحلم بإمبراطوريته، فالغرب يعاقب روسيا بشدة، ويُصعّد تجاه الصين من خلال تايوان، ليعلن بصراحة فكرة احتواء الصين والوقوف بوجهها.

ولكن الملاحظ في الآونة الأخيرة هو وقوف عدة دول بوجه الضغوطات الغربية علناً، والتي طالبت بالمشاركة في العقوبات على روسيا، فالصين والهند مستمرتان في شراء النفط الروسي، والبرازيل تعلن حيادها واستمرارها باستيراد المواد الخام من روسيا، وقِس على ذلك المكسيك ودول الخليج وغيرها من التي واجهت الضغوطات الغربية، ما يعطي لمجموعة بريكس مشروعية الطموح والاستمرار في الفكرة، وبالتالي انضمام دول مستقلة بتوجهاتها كالسعودية والأرجنتين يزيد من فرص نجاح المشروع.

ومن خلال العقوبات الغربية على روسيا ارتفع الوعي الدولي بأهمية التغيير، وتقليص هيمنة قطب واحد على العالم، وتعززت فكرة العمل على عالم متعدد الأقطاب، وإن أخذ وقتاً طويلاً، فمثلاً أحد مشاريع بريكس هو «نظام دفع بريكس» والذي سيكون بديلاً عن نظام «سويفت»، والذي سيعزز التعامل من خلال العملات الوطنية متعددة الأطراف، وهو مشروع من عدة مشاريع لرسم هذا العالم الجديد خلال عقدين أو ثلاثة.

الانضمام إلى تحالفات بهذا الحجم من دون المساس بتوجهاتك السياسية، والإضرار بمصالحك مع كافة الأطراف، وبالتالي حفظك لتوازن العلاقات العالمية، مع الأخذ بعين الاعتبار حساسية التوقيت، سيكون مطروحاً بلا شك.

أخبار ذات صلة

هل أخطأ جيروم باول؟
العاصفة القادمة في العملات المشفرة