هاني بدرالدين

قبل أسابيع عديدة، تسارعت وتيرة مفاوضات فيينا بين طهران والقوى الغربية، واقتربت من الوصول إلى خط النهاية، ولكن سرعان ما توقفت المفاوضات، بسبب شروط إيرانية صعبة، رفضتها واشنطن، لتدخل المفاوضات مرحلة التوقف والشلل، بعدها شهدت إيران سلسلة من العمليات التي شملت الاغتيالات والاستهدافات ضد مواقع عسكرية، في حملة ضغط قوية وتصعيد لما يعرف بـ«حرب الظل» ضد طهران، تبدو وكأنها تهدف للضغط على طهران للتراجع عن شروطها، والقبول بالصفقة النووية.

توقف مفاوضات فيينا.. وشروط إيران

توقفت مفاوضات فيينا، التي تهدف إلى إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي، ثم تم دفع إيران إلى الامتثال الكامل له، منذ شهر مارس الماضي، حيث تم التوصل إلى صيغة فنية شبه نهائية، تحظى بموافقة كل الأطراف.

إلا أن إيران قدمت مطالب سياسية لا ترتبط بالصفقة، حيث طالبت برفع الحرس الثوري من قائمة الإرهاب الأمريكية، وهو الأمر الذي قوبل برد فعل قوي ورفض كبير داخل وخارج الولايات المتحدة، ورفضته إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.

حملة الاغتيالات والاستهدافات

أخبار ذات صلة

«تحدٍّ أسرع من الصوت».. فرص المواجهة العسكرية بين أمريكا والصين
توقعات بخسارة ماكرون للأغلبية البرلمانية.. واليمين الفرنسي يصف الاختراق بـ«تسونامي»

اللافت أن شهر مايو الجاري، شهد سلسلة من التصعيدات ضد طهران، حيث رفضت واشنطن طلب إيران بشطب الحرس الثوري من قائمة الإرهاب، وفي 22 مايو الجاري، لقي ضابط رفيع المستوى في الحرس الثوري الإيراني، مصرعه، على يد مسلحيْن في العاصمة طهران. حيث أطلق شخصان يستقلان دراجة نارية، الرصاص على العقيد حسن صياد خدايي، أثناء استقلاله سيارته أمام منزله في طهران، ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن اغتياله، ويعد خدايي أرفع شخصية يتم اغتيالها منذ اغتيال العالم النووي الإيراني البارز، محسن فخري زادة أواخر عام 2020.

وبعدها بأيام قليلة، استهدفت طائرات مسيرة، موقع بارشين العسكري الإيراني، حيث تطور طهران تكنولوجيا الصواريخ النووية والطائرات المسيرة، حسبما كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، نقلاً عن 3 مسؤولين إيرانيين، ومسؤول أمريكي.

وزير خارجية عمان يجيب حول استضافة بلاده مفاوضات سرية أمريكية - إيرانية

وضربت الطائرات المسيرة، مساء الأربعاء 25 مايو الجاري، موقع المجمع، الواقع على بعد 37 ميلاً جنوب شرقي العاصمة طهران، بحسب المصادر الإيرانية، وانفجرت الطائرات المسيرة في المبنى، ما أسفر عن مقتل مهندس شاب كان يعمل في الوزارة وإصابة شخص آخر. ووفقاً لمصادر إيرانية فإن هجوم الطائرات المسيرة، انطلق من داخل إيران، تحديداً على مقربة من منشأة بارشين، حيث الطائرات المستخدمة لديها مدى طيران قصير.

وفي نفس اليوم، كشفت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، عن عقوبات جديدة على إيران تستهدف شبكة دولية لتهريب النفط وغسيل الأموال بقيادة مسؤولي فيلق القدس التابع للحرس الثوري سهلت بيع ما قيمته مئات الملايين من الدولارات من النفط الإيراني لكل من الحرس الثوري وحزب الله، وفقاً لبيان صادر عن وزارة الخزانة الأمريكية.

هذا ويعتبر استهداف منشأة أبحاث الطائرات بدون طيار في بارشين نمطاً في محاولة من إسرائيل لمواجهة قدرات إيران المتنامية للطائرات بدون طيار.

وفي أوائل فبراير، هاجمت إسرائيل بست طائرات بدون طيار تحتوي على متفجرات منشأة بالقرب من مدينة كرمانشاه التي كانت المصنع الرئيسي لتصنيع وتخزين الطائرات العسكرية بدون طيار في إيران، وفقا لمسؤول استخباراتي كبير مطلع على العملية، فقد دمر ذلك الهجوم الإسرائيلي عشرات الطائرات بدون طيار الإيرانية.

وفي عملية اغتيال جديدة، أعلنت وسائل إعلام إيرانية، في صباح السبت 28 مايو الجاري، عن مقتل الرائد عباس راه أنجام بعد تعرض سيارته لإطلاق نار جنوب شرق البلاد.

الدور الإسرائيلي

ذكرت وسائل الإعلام الغربية، أن مسؤولين إسرائيليين، أبلغوا نظراءهم في الولايات المتحدة الأمريكية، أن اغتيال العقيد الإيراني صياد خديري، كان تحذيراً لإيران بوقف عمليات مجموعة سرية داخل فيلق القدس بالحرس الثوري، تعرف باسم الوحدة 840، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، وهي المكلفة بتنفيذ عمليات اختطاف واغتيال للأجانب في جميع أنحاء العالم، ومنهم مدنيون ومسؤولون إسرائيليون، وفقاً لمسؤولي الحكومة والجيش والاستخبارات الإسرائيلية.

مسار الدبلوماسية الموازي

من الملاحظ أن سلسلة الاغتيالات والاستهدافات في إيران، جاءت بعد زيارة إنريكي مورا، كبير منسقي الاتحاد الأوروبي للمحادثات النووية الإيرانية، إلى طهران 10 مايو الجاري، حيث حاول تقريب وجهات النظر، وإخراج مفاوضات فيينا من حالة الجمود التي سيطرت عليها في ظل تعنت إيران وتمسكها برفع الحرس الثوري من قائمة الإرهاب.

وكانت آخر زيارة لمورا إلى طهران قبلها في 27 مارس الماضي، وأعقبها مباشرة بزيارة إلى واشنطن، وبحسب الناطق باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، فإن التواصل مستمر بين إيران والولايات المتحدة عبر الوسيط الأوروبي.

وإذا كانت حملة الضغط ضد إيران، وحرب الظل مستمرة في التصعيد، فإن واشنطن تحافظ على الورقة الأوروبية، كخيار دبلوماسي فعال، إذا أرادت طهران الاستجابة، والعودة إلى مفاوضات فيينا وإبرام الصفقة النووية.