الدجل موجود على مر التاريخ باعتباره أداة من أدوات الثراء السريع القائمة على استغلال حاجات الناس المادية والنفسية، واستغفالهم والضحك عليهم، تطور هذا الدجل بطرق مختلفة، بعد أن كان قائماً على قراءة الفنجان والتنبؤ بالمستقبل، وقراءة الأبراج إلى القدرة على مضاعفة الأموال ومحاربة الأوبئة بل والقدرة على توجيه الأمراض إلى أشخاص آخرين.
اللافت للنظر في الوقت الراهن ابتعاد الدجال عن الصورة النمطية المتمثلة في الأشخاص الروحانيين، ليتحول إلى إنسان في صورة أكثر تحضراً مرتدياً بدلة وبنطالاً، أو سيدة في كامل أناقتها كأحد أنواع التطور والمواكبة لحاجات الناس في هذا العصر.
البعض صار يعطي محاضرات عن قدرة الطاقة على صد الأمراض، وعن تسخيرها لتغيير حياة الإنسان، وكيف يمكن لهذه الطاقة أن تنشر السعادة في محيط الشخص، ليتحول إلى إنسان ناجح وثري بمجرد أن يحضر عدداً من الدورات أو يتم علاجه بواسطة أحد هؤلاء الدجالين، وبطبيعة الحال كل دورة من هذه الدورات تكلف آلاف الدراهم.
قبل أيام انتشر مقطع لشخص يدعي قدرته على الشفاء وأنها موهبة ربانية من رب العالمين، كل ما عليه فعله أن يوجه رغبته وأشعته في الشفاء إلى هذا الشخص ليصبح بكامل عافيته في لحظات، كما أنه قادر حسب قوله على حل المشاكل المادية، وفك النحس عن المشاريع التجارية الفاشلة لتصبح ناجحة وتدر الملايين.
إن كان هناك فعلاً من يتصف بهذه الصفات فلماذا لا يغلقون المستشفيات؟ ولماذا تُدفع الملايين لدراسة الجدوى الاقتصادية، ولا داعي لمصانع الأدوية والأبحاث الطبية، كل ما علينا فعله أن نستنسخ عدة نسخ من هذه النوعيات القادرة على حل مشاكل البشرية الإنسانية والاقتصادية والصحية بلمسة واحدة ودون أي عناء.
باختصار، كل واحد منا يملك عقلاً في رأسه، كل ما عليه فعله تشغيله عدة دقائق في كل يوم ليستطيع خلال هذه الدقائق اكتشاف أن كل هذه الأمور رجس من عمل الشيطان!