323 يعانون الجوع حول العالم و42 مليون في المنطقة
يعاني أكثر من 323 مليون شخص حول العالم من الجوع الحاد «acute hunger» من ضمنهم نحو 43 مليون شخص يعانون مجاعة طارئة، حيث أضافت الحرب في أوكرانيا نحو 47 مليون شخص إلى قائمة الجوع العالمية التي كانت تقدر قبل الحرب بـ276 مليون شخص.
ووفق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة فقبل جائحة كورونا كان هناك نحو 135 مليون شخص في حالة أزمة جوع، وهذا الرقم تضاعف بعد كوفيد.
وأما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فقد ارتفع أعداد الذين يعانون الجوع الحاد بنسبة تصل إلى 15% بعد الحرب في أوكرانيا، فيما كان العدد يصل قبل الحرب إلى 42 مليون شخص.
ثلاث مجموعات ووفق متحدثين خلال ندوة إلكترونية نظمها مركز دبي المالي العالمي، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، تناولت توقعات صندوق النقد الدولي للاقتصاد الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعنوان «تباعد مسارات التعافي في فترة مضطربة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، فدول المنطقة تُقسم إلى ثلاث مجموعات: أولها المصدرة للنفط والتي تعد مستفيدة من ارتفاع أسعار النفط، فيما المجموعة الثانية المستوردة للنفط والتي ستعاني من ارتفاع أسعار السلع والطاقة بشكل واضح، وأخيرة مجموعة الدول الهشة التي تعاني آثار الصراعات.
وأكدوا أن مواجهة التضخم أولوية في الوقت الراهن، وكذلك الإصلاحات الهيكلية بالنسبة لمختلف البلدان، مبدين تخوفهم من أن تعود بعض البلدان النفطية عن سياساتها الإصلاحية نتيجة تحسن أسعار النفط.
تفاوت بين البلدان
قال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور، إن العام الجاري يشكل قصة من الاضطرابات، فبعد أن كانت المنطقة تتعافى من أزمة كوفيد، جاءت الحرب في أوكرانيا التي كان لها آثار على الإمدادات للسلع والخدمات، وخاصة النفط والغاز والقمح، وكذلك آثار كبيرة على التضخم والأسعار».
وتابع «في الماضي كانت البلدان تتطور بنفس الاتجاه إلى حد ما، لكن اليوم نرى أكثر من مجموعة، فهناك البلدان المصدرة التي ستستفيد من ارتفاع الأسعار وزيادة الإنتاج، وهي بلدان ستقود النمو، ففي 2022 نتوقع ارتفاع أسعار النفط 55% مقارنة بالعام الماضي،ما ساعد في تنمية تدفقات رأسمالية».
وقال «نتوقع 1 إلى 1.4 تريليون من الإيرادات الإضافية للبلدان المصدرة، ولا سيما دول الخليج، لافتاً إلى أن هذه الدول لا تزال في وضع أفضل، كون التضخم لديها ما زال منخفضاً نسبياً، خاصة التضخم الكلي».
وأشار إلى المجموعة الثانية من البلدان وهي المستوردة للنفط والتي ستعاني من صدمات عدة من حيث زيادة أسعار السلع الأولية وارتفاع أسعار النفط، لا سيما بالنسبة للبلدان التي لا يزال لديها سياسات الدعم.
المجموعة الثالثة بحسب أزعور، هي البلدان الهشة والمتأثرة بالصراعات والتي واجهت أزمة جراء كوفيد ومن بنية تحتية ضعيفة وهي بلدان ستتأثر من محدودية القدرات ومن العقوبات ومن الحرب في أوكرانيا.
وأكد أن مواجهة التضخم أولوية تقتضي تعديل وتصحيح السياسات، ولا سيما أن التضخم الكلي يهيمن في المنطقة، حيث 60% من ارتفاع الأسعار يرتبط بالسلع الأساسية الغذائية.
أزمة الغذاء
وحول قضية التعامل مع أزمة الغذاء العالمية، خاصة على المنطقة وآليات التعامل معها، أشار إلى وجوب العمل على أكثر من مسار وأكثر من مرحلة، لافتاً إلى ضرورة معالجة الاحتياجات الحالية والضرورية وخفض مستويات التضخم في البداية، وكذلك إعادة توجيه السياسة المالية وتوجيه الحماية الاجتماعية إلى الفئات المحتاجة.
وتحدث عن أهمية النظر إلى مسألة توفر الغذاء، وفق القدرات المتاحة لتحمل التكاليف فالمسألة في الكثير من الأحيان لا تتعلق بتوفر الغذاء، بل بالقدرة على الوصول إليه من قبل مختلف الشرائح التي تحتاجه.
وفيما يتعلق بالتأثير الإجمالي لارتفاع أسعار المواد الغذائية على الحساب الجاري أشار إلى أنه يصل إلى 10 مليارات دولار، وهذا أمر يمكن علاجه، لكن المشكلة عندما ننظر إلى كل بلد على حدة.
وبين وجود مجموعة من السياسات التي نحتاجها على المدى القصير، لكن ذلك لا يعطينا الضمان بأن الوضع سيتعافى بسرعة، مؤكداً وجود العمل على خلق الوظائف، فكوفيد أدى إلى زيادة معدلات البطالة بين 1 و1.8% في المنطقة وبالتالي فخلق الفرص وهيكلة الاقتصاد أمر أساسي.
وبالنسبة للدعم الإقليمي تحدث أزعور عن أهمية الانتقال إلى شراكات إقليمية، ولا سيما مع وجود فرص هائلة يمكن الاستفادة منها وتسخيرها بتضافر جهود الدول سوية.
وأكد أهمية المسوح والإحصاءات الجيدة من أجل التخطيط والقيام بأفضل ما يمكن.
وعن دور الصندوق أفاد بأنه قدم مساعدة بنحو 65 مليار دولار منها 20 مليار دولار للتمويل السريع لمواجهة البلدان لكوفيد-19، ونحو 45 مليار العام الماضي على صورة حقوق السحب الخاصة للبلدان التي احتاجت إلى التمويل.
التضخم في المنطقة وحول آفاق التضخم لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أشار إلى أنه سيبقى مدفوعاً بأسعار السلع الأولية والغذاء، هذا الأمر سيرتبط بمدى واستمرار أزمة أوكرانيا بشكل مباشر، إضافة إلى أسعار النفط التي نتوقع أن تبقى مرتفعة قليلاً عن 100 دولار.
وحول مصر ومدى التوصل إلى اتفاق قال أزعور: «إن الإصلاح مستمر ولا ينتهي، ومصر استطاعت خلال سنوات ماضية من تطبيق بعض الإصلاحات واستطاعت أن تحقق نمواً بين 5 و5.5%، وما هو مطلوب هو الانتقال من مستوى إلى مستوى آخر، مؤكداً وجوب وجود نُظم لسعر الصرف الذي يحمي من الصدمات الخارجية، وكذلك السماح للقطاع الخاص بالنمو والتوسع.
وتابع «نحن في ظل مناقشات فنية للحديث عن أولويات المستقبل في مصر لخفض مواطن الضعف والحفاظ على الزخم الذي ساعد مصر على النمو بمعدلات تفوق الـ5%».
الجوع والعالم
ومن جانبه قال كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة عارف حسين، «قبل جائحة كوفيد-19، وفي 80 بلداً نتواجد فيها كان هناك نحو 135 مليون شخص في حالة أزمة جوع، وهذا الرقم تضاعف إلى 276 شخصاً بعد كوفيد، حيث يعمل برنامجنا ومن بين هذا الرقم نحو 43 مليون في حالة جوع طارئة وهذا في نحو 43 دولة وليس في بلدين أو 3 بلدان وقبل اندلاع الحرب في أوكرانيا».
وتابع «مع حرب أوكرانيا تم إضافة نحو 47 مليون شخص لنصل إلى عدد غير مسبوق هو 323 مليون شخص يعانون مجاعة حادة وليست المجاعة المزمنة».
مساعدات لملايين الأشخاص وأشار إلى أن برنامج الأغذية العالمي يعمل جاهداً قائلاً «في 2021 ساعدنا 128 مليون شخص وهذا العام نريد مساعدة 147 مليون شخص بميزانية 21.5 مليار دولار».
وتحدث عن وجود أزمة في القدرة على تحمل أسعار الغذاء بالقدر الكافي وهذا شأن العديد من البلدان، ولكن ليس هناك نقص في الغذاء.
وحذر من أنه، في حالة عدم القدرة على دعم الإنتاج الزراعي على سبيل المثال، فسيكون هناك أزمة عالمية في هذا الخصوص.
وقال «البداية يجب أن نساعد الناس تفادياً لموتهم، وأنا لا أبالغ ومن ثم يجب معالجة أسعار الغذاء بحيث تكون مقبولة».
ولفت إلى واحدة من الإيجابيات الراهنة والتي تتعلق بوجود توافق عالمي نوعاً ما لمواجهة أزمة الأمن الغذائي.
وفي رده على سؤال من قبل مديرة الجلسة مذيعة ومراسلة سي إن إن، إيليني جيوكوس حول ما إذا حصلوا على أموال من إيلون ماسك، قال: «لا».
مسارات متباعدة
ومن جانبها أفادت العضو المنتدبة وكبيرة الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان في «جيفريز إنترناشيونال» علياء المبيض، أنهم يعملون من خلال التحليل على فهم ارتفاع أسعار لسلع الأولية، لافتة إلى وجود مسارات متباعدة، هناك قنوات التجارة وقنوات التمويل» وقالت «على صعيد التجارة نرى ارتفاع أسعار الغذاء والنفط في المنطقة التي لديها أكبر استيراد للقمح، وكذلك على الدول التي تعتمد على الواردات القمحية من روسيا وأوكرانيا كلبنان ومصر وغيرها».
وتابعت «على صعيد التمويل نرى عجز الحسابات الجارية ومضاعفة ذلك بالنسبة للبلدان المستوردة للنفط من نحو 35 مليار مما قبل الجائحة إلى 70 مليار دولار، وإذا أضفنا احتياجات إعادة التمويل للكثير من الدول المستوردة، فهناك احتياجات قد تصل إلى 100 مليار دولار ووفق أسعار فائدة أعلى من قبل».
كما أشارت إلى خطر يتعلق بقدرة بعض الدول المستوردة كتونس ومصر وباكستان ولبنان على الوصول إلى أسواق المال العالمية.
الإصلاحات الهيكلية
وبدوره قال نائب الرئيس للدراسات في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي مروان المعشّر، «بعض البلدان المستوردة للنفط اعتادت على الأزمات، وكان لديها بعض الأدوات للتعامل مع أزماتها بالاعتماد على الدعم من الدول الغنية أو المصدرة للنفط وعلى تحويلات الوافدين ولكن هذا لم يعد حلاً، ونحتاج إلى تعجيل الإصلاحات الهيكلية، وهذا لا يرتبط بالمالية العامة، بل إلى نظام تعليم كفؤ ومختلف لإعداد السكان في العالم العربي للدخول في سوق العمل والتعامل مع معتركات الحياة».
وأضاف «البلدان المصدرة للنفط أو بعضها قامت بإصلاحات، ولكن نخشى أن يسهم ارتفاع أسعار النفط إلى العودة للحياة العادية وعدم الاستمرار في الإصلاحات الهيكلية».أفاد مُؤسِّس ورئيس شركة ناصر السعيدي وشركاه ناصر السعيدي، بوجود عدد من الصدمات الخارجية في المنطقة، على رأسها التضخم وارتفاع أسعار الغذاء والطاقة وزيادة أسعار الفائدة، لافتاً إلى وجود تفاوت بين الدول المستوردة والمصدرة للنفط، لكن بالإجمال هناك عوامل خارج سيطرة المنطقة، ومنها الفائدة وسياسات الصين، وكذلك استمرار الحرب في أوكرانيا.
وقال «هناك احتمال لركود عالمي متزامن، ما سيؤثر على السياحة والتجارة، وحتى أسعار النفط سيكون متأثراً سلباً في حال وصلنا إلى الركود».
ودعا السعيدي صندوق النقد الدولي وصندوق النقد العربي للاجتماع ووضع برنامج للأمن الغذائي في المنطقة.صدمات خارجية لا نتحكم فيها..323 يعانون الجوع حول العالم و42 مليون في المنطقة