بقلم كل من أكرم علمي، الشريك في بين آند كومباني الشرق الأوسط، وجان تشارلز فان دن براندن، شريك لدى شركة بين آند كومباني في بروكسل
تحتل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية صدارة تفكير المنظمين والمستثمرين والعملاء والموظفين سريعاً، كما أنها تقع أيضاً على قمة أجندات الشركات. وينظر الكثيرون الآن إلى استراتيجية الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية المُصممة بإتقان كمؤشر إيجابي لنمو الإيرادات على المدى الطويل.
في الاستطلاع العالمي الذي أجريناه مؤخراً، والذي شمل 281 مديراً تنفيذياً لعمليات الاندماج والاستحواذ، توقع 65% منهم زيادة تركيز شركاتهم على الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية خلال السنوات الثلاث القادمة. ويشمل هذا الرأي عمليات الاندماج والاستحواذ، إذ يعتقد أكثر من نصف المشاركين في الاستطلاع أن قيادة الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية تبرر التقييمات الأعلى للصفقات أو تتوقع أن يكون هذا هو الحال السائد في المستقبل، ما يشير إلى حاجة المشترين لتقييم وتقدير أداء الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية المستهدف لديهم.
لكن هل يراعي المشترون من الشركات المسؤولية البيئية والاجتماعية والمؤسسية في عملية الاندماج والاستحواذ في الوقت الحاضر؟
لا ليس بعد، وذلك وفقاً لنتائج استطلاعنا، فقد أفاد 11% فقط من المستجيبين بأنهم يقيّمون الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية على نطاق واسع أثناء عملية إبرام الصفقات بانتظام. وفي واقع الأمر، مثّلت الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية المحور الأقل تأكيداً بين 10 عناصر لعملية الاندماج والاستحواذ المؤسسية. ويبذل الكثير جهوداً مُضنية لتحديد طريقة تضمين عملية تقييم آثار الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية للاستحواذ في استراتيجية الاندماج والاستحواذ التي يطبقونها.
وقد حقّقت بعض الشركات السبق في هذا المضمار. فمن خلال تضمين الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في عملية الاندماج والاستحواذ، حقّقت ميزة في اغتنام فرص إنتاج القيمة وبداية ممتازة في تلبية ضرورتها المتعلقة بالحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.
وتتقدم هذه الشركات على غالبية الشركات التي لم تطور نماذج الاندماج والاستحواذ لديها لمراعاة التطور المتزايد في الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية عن طريق البدء في إطلاق هذه الحوكمة كأولوية للاندماج والاستحواذ وعامل في تحقيق قيمة الصفقة. فقد اكتشفت أن نهج الاختيار التقليدي لمسائل الاستدامة يعجز عن تحقيق ما هو منشود. فهي عندما تُقيم المستهدفات، فإنها تتعمق في مسائل تُراوح من انبعاثات غازات الدفيئة إلى التنوع والمساواة والشمول، ومن أخلاقيات العمل إلى سلاسل التوريد.
ربط استراتيجية الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية بعمليات الاندماج والاستحواذ
يبدأ النجاح في هذا المجال بربط استراتيجية الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية باستراتيجية الاندماج والاستحواذ، ويعني جعل الاستدامة جزءاً من مبرر كل صفقة. كما يعني استخدام الأولويات المؤسسية كمعيار لتقييم كل صفقة محتملة وإيجاد الأصول التي من شأنها تعزيز المبادرات الحالية للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، بالإضافة إلى إنتاج قيمة اقتصادية.
ويمكن أن تتمخض هذه القيمة من عدة مصادر. فعلى سبيل المثال، وفي قطاع المنتجات الاستهلاكية، يرى 68% من المديرين التنفيذيين الذين شملهم الاستطلاع قيمة الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في مساعدتهم على الفوز بحصة عبر تحسين صورتهم المؤسسية كي تتناسب مع التفضيلات المتغيرة للمستهلك. وفي الوقت ذاته، يذكر رواد قطاع الطاقة مبادرات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية لأنها تساعدهم في تلبية متطلبات أو توقعات المستثمرين والممولين لخفض تكلفة رأس المال. ويمكن أن تضيف تدابير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية كذلك قيمة عن طريق المساعدة في إدارة التكاليف (مثل: تقليل النفايات) أو من خلال المساعدة في جذب المواهب البارزة والاحتفاظ بها، وهو هدف شديد الأهمية في بيئة المواهب التنافسية الحالية.
لن تعمل جميع الأصول على تعزيز هدف أساسي من أهداف الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية بطبيعة الحال، وغالباً ما تبرر مبررات الأعمال الأخرى السعي وراء أصل معين، بصرف النظر عن بصمة الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية. وحتى في هذه الأوضاع، يعتبر تطبيق العناية الواجبة على السجل المستهدف للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية مهماً للغاية للاكتتاب في الصفقة. ربما يتحمل المشتري تكاليف مالية كبيرة لتضمين وتعزيز القدرات المستهدفة للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية بما يفي بمعايير الجهة المستحوذة على سبيل المثال.
ويتباين تطور وأهمية ضرورات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية حسب القطاع والشركة، وحتى حسب صفقة معينة. نتيجة لذلك، من المهم أن تُميز الشركات بين عملية الاندماج والاستحواذ التي تحفّزها الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية والعملية التي تراعي محاور هذه الحوكمة.
يتم السعي إلى إبرام الصفقات التي تحفزها الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية على نحو صريح لتعزيز أجندة هذه الحوكمة لدى المشتري. وربما تتجلى أكثر الأمثلة وضوحاً في الصناعات التي تستخدم الكربون بكثافة. تمثل عمليات الاندماج والاستحواذ قوة دافعة في تحوّل قطاع الطاقة إلى مصادر الطاقة المتجددة. وبينما نبحث «عمليات الاندماج والاستحواذ في الطاقة والموارد الطبيعية: صفقات لإنجاز تحوّل الطاقة»، تستخدم المؤسسات عمليات الاندماج والاستحواذ لإعادة تحديد موضع ما لديها من محافظ بارتباط ببدائل الطاقة المستدامة بوتيرة أسرع مما يمكن بناؤه بصورة طبيعية. فقد أدى التحوّل من البروتينات الحيوانية إلى البروتينات النباتية، في المنتجات الاستهلاكية، إلى اندفاع كبير نحو عمليات الاندماج والاستحواذ والشراكات في هذا المجال.
أما عمليات الاندماج والاستحواذ التي تراعي محاور الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية فتُضمن منظور هذه الحوكمة على مستوى سلسلة قيمة عمليات الاندماج والاستحواذ، حتى إن لم تكون مبررات الصفقات المُحفزة غير مرتبطة بالحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية. وعلى سبيل المثال، قد تعمد الجهات المستحوذة إلى إجراء العناية الواجبة لتحديد ما إذا كانت البصمة الكربونية لمستهدف معين متوائمة مع أهداف الاستدامة للجهة المستحوذة، والتي لا ترتبط بمبررات الصفقة. وستعمل الشركات التي تسعى إلى الحصول على سلاسل توريد شفافة وواعية اجتماعياً على إجراء مزيد من أنشطة التدقيق على قاعدة موردي الاستحواذ المحتمل. يكتسب هذا التفكير الذي يراعي الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية شعبية على مستوى الصناعات، رغم أن مختلف القطاعات ستركّز على مختلف موضوعات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.
توصّل الاستطلاع الذي أجريناه لآراء المديرين التنفيذيين إلى أن مزيج نوع الصفقات يتباين باختلاف الصناعات. على سبيل المثال، في حين أن المديرين التنفيذيين في قطاع الطاقة أفادوا بأن تعدد الصفقات ضمن قطاعات أعمالهم تحفزه الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، فإن معظم القطاعات الأخرى تعتقد أن عمليات الاندماج والاستحواذ التي تراعي الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية أكثر صلة بتركيبة صفقاتهم الحالية.
ننصح المشترين بطرح العديد من الأسئلة الرئيسية التي ستوجه تضمين الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في عملية عقد الصفقات، لتعزيز جهود الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في عمليات الاندماج والاستحواذ لديهم.
• الاستراتيجية: ما الآثار المترتبة لأجندتنا بشأن الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية على استراتيجيتنا للاندماج والاستحواذ؟ كيف سينظر المجلس في اعتبارات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية عند تقييم الصفقات؟
• العناية الواجبة: ما المسائل المادية للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية لهذه الصفقة، وما الأداء المستهدف في تلك المجالات؟ ما المخاطر والتحسينات المحتملة على وضعنا العام بشأن الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية وقدرتنا التنافسية؟ كيف نطور دليل العناية الواجبة للإجابة عن هذه الأسئلة؟ كيف تؤثر اعتبارات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية على خطة إنتاج القيمة لهذا الأصل؟
• التكامل: كيف يندمج معيار الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في مبرراتنا للتكامل؟ ما الحوكمة والموارد المطلوبة لضمان تلبية أهداف الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية ومبادرات إنتاج القيمة (إما لتحسين الأداء المستهدف للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية أو الاستفادة من نقاط القوة للمستهدف لتحسين أدائنا في الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية)؟ ما المبادرات المحدّدة اللازمة لإطلاق فرص إنتاج القيمة من الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية؟
ربما تصعُب الإجابة عن هذه الأسئلة، لكنّ بطرحها مبكراً، تُعد الشركات نفسها للنظر في ضرورات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية لصالح الجميع في أثناء قيامها بخطوات الاندماج والاستحواذ التي من شأنها تعزيز أدائها.