فقدت الإمارات العربية المتحدة والأمة العربية الإسلامية أحد أبرز قادتها، سمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، والذي تميز عهده بقفزات كبيرة حققتها الإمارات على المستويين الاقتصادي والسياسي، ولا شك أن مرض الشيخ خليفة في السنوات الأخيرة أبرز لنا قائداً فذاً آخر، هو عضيده سمو الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، والذي انتخِب الرئيس الثالث للدولة خلفاً لشقيقه رحمه الله، فخلال 18 عاماً مضت، لم تكن دولة الإمارات تتطور كغيرها، بل كانت تقفز قفزات جبارة في سلم الدول الأكثر تطوراً ورخاءً وازدهاراً.
يحتل الاقتصاد الإماراتي المرتبة 30 على مستوى العالم بإجمالي 449 مليار دولار، وهو أكثر من 3 أضعاف الناتج المحلي الإماراتي عند استلام الشيخ خليفة مقاليد الحكم، فبالإضافة إلى النفط الذي يشكل 30% من واردات الدولة و10% من إجمالي المعروض العالمي، حرصت الدولة على تنويع وارداتها ورفع كفاءة أدائها الحكومي، فهي من الدول القليلة التي تجاوزت تداعيات جائحة كورونا مبكراً، ونوعت مصادر الطاقة لديها فبدأت باستخدام الطاقة النووية السلمية، وحرصت على رفع جودة العلوم بشتى أنواعها، فسيّرت رحلتها المكوكية إلى المريخ، وأطلقت استراتيجية الثورة الصناعية الرابعة، واستغلت موقعها الاستراتيجي فأنشأت المناطق الحرة لتناسب جميع التبادلات التجارية، ورفعت مستوى السياحة وخدمات الزوار، واستضافت البطولات والمعارض، كان آخرها معرض إكسبو دبي 2020، لتحصل على تصنيفات إيجابية في منظمة الشفافية الدولية ومؤشرات الحوكمة العالمية للبنك الدولي لمكافحة الفساد، لتحتل المرتبة الأولى في الربع الأول من البلدان الأقل فساداً، وتكون إحدى الوجهات الرائدة لرجال الأعمال في العالم.
لا يمكن حصر الإنجازات التي تمت في عهد الرئيس الراحل، ولكن يمكن أن نلفت أن التطور الإماراتي لم يكن اقتصادياً فحسب بل حتى على المستوى السياسي، فالإمارات العربية المتحدة تعتبر الآن لاعباً رئيسياً مؤثراً في شؤون المنطقة ككل، وتأثيرها يتجاوز ذلك في العديد من المناسبات، وبلا شك أن تكاملها السياسي والاقتصادي مع شقيقتها المملكة العربية السعودية بدءاً من حرب إعادة الشرعية في اليمن إلى توازن أسواق الطاقة، وغيرها من الملفات، كوّن جبهة عظيمة يخطب العالم ودها.
واليوم في انطلاقة عهد جديد، فإن الإماراتيين خاصة والخليجيين عامة يستبشرون بخير خلف لخير سلف، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الرئيس الثالث للدولة، والذي عرف عنه عزمه وحنكته ورؤيته، أن تستكمل المسيرة بثبات، سائلين الله عز وجل أن يعينه على حمل الأمانة وتحقيق طموحات شعبه وأمته لما فيه خير للبلاد والعباد.