ماذا يمكن أن نكتب أو نقول في شخصية قلّما يوجد لها نظير، رجل من أولئك القلة الذين عملوا بصمت.. قليلو الكلام، لا يتنافسون على وهج الأضواء ولا تتملكهم نزعة الظهور، هو ذلك النبيل الخجول الذي لا يوازي سخاء يده الكريمة غير أبيه زايد الخير، ولا يجاريه في فعل الخير والسعي في دروبه غيره.
رحل عن دارنا طيّب الذكر وافي المعاني والسيرة، بعد مسيرة عمل طويلة حافلة بالمنجزات، واكب خلالها مراحل ما قبل التأسيس العصيبة إلى جنب والده الباني المؤسس زايد الخير، وما بعدها إلى أن وصل بمؤسسات الدولة إلى مرحلة التمكين، ثم مرحلة الرسوخ، والانطلاق نحو الاستثمار في المستقبل.
في استعراض سيرة الراحل فقيد الوطن الكبير، نجده منذ نعومة أظفاره ذلك الابن البار الذي درج في مدرسة زايد الخير.. رافق «عضائده» الأوفياء، الأشدّاء، طيبي السيرة، والمنبت.. شبّ في كنفهم، وتشرّب منه ومن رفقاء دربه معاني الفروسية وأُسس فنون إدارة الحكم وكيف تكون علاقة الحاكم بالرعية، وبعد رحيل زايد، كان هو الخليفة والولي الأمين الذي تولى زمام قيادة الوطن طوال 18 عاماً بكل أمانة ومسؤولية، والمضي به بثبات إلى أوج مستويات التقدم والرخاء والتنافسية العالمية.
وطن قُدّ اسمه من نور وعز وفخار على جميع الصُعد والقطاعات، اسم يصدح صداه بين سائر الأمم من كونه أصبح نموذجاً فريداً في تجربته الوحدوية والإدارية والتنموية البشرية، وفي خططه الاستراتيجية الاقتصادية، ومحل ثقة تقدير واحترام على الصعيد السياسي الداخلي والإقليمي والعالمي.
في وداع خليفة الطيب، والكلمة يغالبها الدمع.. لا يمكن أن نوفيه حقه مدحاً أو شكراً، من كونه قامة باسقة وارفة بالخير وبالطيب والسماحة والعطاء على امتداد مراحل مسيرتها، فهو خليفة الرحمة والبذل، لا يضاهي اسمه شرفاً سوى ظله الباسق البارد الذي يجاريه في الكرم وحب الخير، طالما كان الغيثُ كأبيه، أينما حلّ كان الخير والنماء والرخاء والفرح والأمان والسلام.
في وداعك أيها الكريم الجليل، لا نملك سوى أن نرفع أكفنا لله محتسبين بقضائه وقدره، وندعوه بأن يُنزلك منزلاً مباركاً في عليّين، بجوار والدك زايد الخير والصديقين والشهداء والأبرار والأولياء الصالحين ممن حملوا الأمانة وصدقوا الله على ما عاهدوا الله عليه.
ستبقى رمزاً فريداً للحاكم الكريم، الحكيم، العادل، الرحيم، وسيرة عطرة زكيّة عصية على النسيان كوالدك زايد الخير، فنم قرير العين مطمئناً.. لك في قلوبنا وِرد لا ينقطع، وفي كل فرض ونافلة دعاء، ورسائل حب، وشوق، وسلام لروحك الطاهرة بوسلطان.