يخلط بعض الكُتاب في كتاباتهم وكذلك بعض القراء بين المقالة السياسية والمقالة الوطنية لا سيما عندما يظنون أن كل مقالة وطنية هي مقالة سياسية دون إن يميزوا بأن القلم السياسي له أدبياته القائمة على التجرد وعرض الحقائق كما هي وإن خالفت هواه وأمنياته ومصلحة أي طرف.
والبعض يجهل قدر القلم الوطني وأهميته في أي مجتمع وأدواره الإيجابية فهو في السلم والرخاء الحارس على المكتسبات الوطنية والمُسَوق لإنجازات الوطن، وفي الشدائد والأزمات الرصاصة التي تذود عن الوطن.
ومن يجهل قيمة القلم الوطني قد يتهم الكاتب الوطني بأنه منافق أو مداهن يهدف لتحقيق مصالح شخصية بينما الكاتب الوطني يمارس أقدس عمل له تجاه وطنه سواء تغنى بوطنه أو ذاد عنه بقلمه، وهذا لا يجعلنا ننكر بأن بعض الأقلام التي تظن أنها تقدم عملاً جليلاً للوطن قد تكون أضرارها أكبر من نفعها إذا كان الكاتب لا يتمتع بالذكاء الكتابي الذي يُقنع فيه قراءه بأنه محق فيما يكتب ويطرح.
والكاتب الذي يكون دافعه مصلحته الشخصية ويتحين الفرص والمناسبات الوطنية لتسويق ذاته دون أن يراعي المردود الوطني الذي سيحققه قلمه للوطن، ولا يتردد أحياناً أن يكون في طرحه ملكياً أكثر من الملك ما قد يسيء لوطنه عكس ما كان يظن ويرجو، ومثال ذلك: قد تأخذ دولة معينة موقفاً سياسياً أو اقتصادياً سلبياً أو إيجابياً تجاه دولة أخرى وفق حسابات دقيقة ومدروسة لدى دبلوماسييها، ولكن يأتي كاتب تحت غطاء الوطنية ويكتب بطريقة تغلب عليها العاطفة أو يعين نفسه المتحدث الرسمي باسم دولته وهذا قد يؤدي إلى أن تجري رياح قلم الكاتب عكس ما يشتهيه صانع القرار الذي عنده كل خطوة بميزان.
فلهذا نرى بأن كثيراً من الكُتّاب الوطنيين أصحاب الأقلام الذكية تعلم متى تكتب ومتى تتوقف، وتعطي المساحة للمختصين الوطنيين أن يقوموا بأدوارهم الوطنية لا سيما في تلك الدول التي فيها نوع من التوافق والرضا بين قياداتها وشعوبها.
وبسبب أن البعض لديه نقص في المعرفة ولا يميز بين الأقلام الوطنية، السياسية، الاجتماعية، القانونية وغيرها من الأقلام فإنه يحكم على وطنية الكاتب بمجموع ما كتب في الشؤون الوطنية، بينما يكون هذا الكاتب لا يقل وطنية عن من يكتب في الشؤون الوطنية بصورة مباشرة ولكنه اختار أن يسخر قلمه في خدمة وطنه في تخصصات ومجالات مختلفة لإيمانه بمقولة دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله.