في أبريل 2022، طرحت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي "IPCC" تقريراً تدعو فيه إلى المسارعة لاتخاذ إجراءات للحد من تأثير الاحتباس الحراري، وتذكّر أن العالم يملك جميع الحلول والتقنيات لمواجهة التغير المناخي، لكن هناك من يقف ضد التغيير حتى لو تسبب في كوارث بيئية حول العالم، فالمصالح الخاصة تُقدم على المصلحة العامة للعالم والطمع يتغلب على الحكمة.
انخفضت أسعار تقنيات الطاقة المتجددة وارتفعت فعاليتها لدرجة تمكنها من تزويد المنازل بما يفوق حاجتها من الطاقة، وفي بعض المدن الأمريكية يمكن لمالك المنزل أن يعطي الفائض من الطاقة لشبكة الكهرباء ويكسب من ذلك بعض المال، فتصور أن تكون مالكاً لمنزل لا يحتاج منك أن تدفع فاتورة كهرباء شهرية بل تربح مقابل الطاقة التي ينتجها المنزل.
التقرير يتحدث عن جانب الطلب ودوره في تقليل استهلاك الطاقة والموارد، وهذا يشمل كل القطاعات والأفراد.
سابقاً كنت أرى أن دور الفرد أقل أهمية من دور الحكومات والمؤسسات، إذ إن الفرد يعيش في بيئة صنعتها المؤسسات، ولكي يحدث تغيير جذري تحتاج الحكومات والشركات لأن تتغير، لكن مع الأيام بدأت أدرك أن هذه نظرة قاصرة، فدور الأفراد مهم.
عندما يسعى فرد لتقليل استهلاك الطاقة والموارد سيكون له أثر على الآخرين في محيطه، وإن اهتم مزيد من الأفراد بقضايا البيئة سيتحول اهتمامهم هذا إلى مؤثر إيجابي في الآخرين وهكذا تتسع دائرة التأثير ببطء وتصبح توجهاً مجتمعياً.
يمكن للأفراد فعل الكثير لتقليل استهلاكهم للطاقة والموارد وهذا يتطلب منهم تقليل مشترياتهم غير الضرورية وعدم شراء طعام أكثر من الحاجة حتى لا يصل لمكبات النفايات، وكذا تقليل استهلاك الكهرباء باستخدام أجهزة أقل استهلاكاً للطاقة وإغلاق الكهرباء في حال عدم الحاجة لاستخدام أي جهاز.
يبقى أن للحكومات دوراً أكبر، فتغيير المدن لتصبح مناسبة للناس أكثر من السيارات وقابلة للمشي سيكون له أثر إيجابي أكبر ليس على البيئة فقط بل على الناس وصحتهم البدنية والذهنية.
وضع مواصفات للمباني بأن تقلل من الحاجة لتبريدها بالمكيفات سيكون له أثر كبير، إذ إن استهلاك الطاقة يرتفع في شهور الصيف بسبب المكيفات، وفي الدول الباردة يحدث العكس حيث التدفئة في الشتاء تستهلك طاقة أكبر.
العالم بحاجة لأن يتغير الآن إن لم يتغير بالأمس، وأن يقدم المصلحة العامة على مصالح أطماع الأفراد، وبدون ذلك سنواجه كارثة لا نعلم مداها.