تعمدت أن أسأل أحد الأصدقاء الأجانب عن إقامته في الإمارات رغم معرفتي أنه قضى فيها أكثر من 20 عاماً، كان نوعاً من الفضول الذي دعاني لمعرفة لماذا قد يعيش أحدهم في دولة أخرى ويقضي بها كل هذه السنوات على الرغم من أنه يستطيع العيش بهذه الأموال في أماكن كثيرة من العالم قد تكون الحياة فيها أقل كلفة من هنا؟!
كان واضحاً وصريحاً في إجابته، قال أنا هندوسي الديانة أمارس الشعائر الدينية بكل حرية، أحتفل بالمناسبات الدينية الخاصة بنا، لم يتعرض لي أي أحد ولم يسألني أي شخص عن ديانتي، وعما أقوم به طوال هذه السنوات.
تعلمت في دولة الإمارات أن لكل شخص الحرية في ما يقوم به ما دام لا يتعارض ذلك مع القانون، إن تعرض لي أي شخص سواء كان مواطناً أو أجنبياً أستطيع الحصول على حقي دون وساطة، يمكنني تقديم شكوى للشرطي والمسؤول دون أدنى خوف، أعيش هنا بأمان سواء كان ذلك في ساعات النهار أو آخر ساعات الليل.
كنت أستمع له، وأنا أعلم تماماً أن إجابته لن تخرج عن هذا السياق، ولكن ما دعاني لهذا السؤال تلك الأصوات الشاذة التي تروج بين الحين والآخر عن وجود نعرات دينية وطائفية، وعن وجود متشددين لا يرغبون بأن يكون هناك تعايش بين كافة الملل والطوائف في الدولة، وعن وجود أشخاص ينشرون التمييز والكراهية في المجتمع.
منذ أن فتحت عينيّ على هذه الدنيا، وأنا أرى التعايش بين كافة الأديان في الدولة، حتى على صعيد المذاهب، لكل مذهب مكان تمارس فيه شعائره بكل حرية، تجد الكنيسة والمسجد قرب بعض، ولا بأس أن يكون هناك معبد هندوسي في منطقة من المناطق، لم نر اعتراضاً من أحد، ولا هجوماً طائفياً على أي كائن كان، لأننا بكل بساطة مجتمع متسامح ومتعايش ومنفتح على كافة الأعراق والأديان ليس من الآن بل منذ سنوات طويلة.
أحد أكبر مساوئ وسائل التواصل الاجتماعي أنها فتحت الباب على مصراعيه لكل الفئات، تجد المثقف والمتعلم والجاهل والمتدين والمتشدد والملحد، لذلك أعتقد أن الكثير منا وصل إلى مرحلة يستطيع من خلالها معرفة من يتعمد إثارة الجدل والاستفزاز، ومن يبحث عن الشهرة على حساب المجتمع والدين، ومن يهوى أن يتم شتمه ليل نهار، لذا نصيحتي التي أكررها دائماً تأتي من خلال بيت شعر الإمام الشافعي: "متاركة السفيه بلا جواب ... أشد على السفيه من الجواب".