يخشى الكثيرون في ألمانيا من أن يتدهور الوضع بسبب الحرب في أوكرانيا، ولذلك نصحت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيسر، المواطنين باتخاذ الاحتياطات في حالة حدوث أزمة قادمة، وقالت مؤخراً «على سبيل المثال، يمكن حدوث الهجمات الإلكترونية على البنية التحتية الحيوية، وإذا انقطعت الكهرباء لفترة أطول أو كانت الحياة اليومية مقيدة بطريقة أو بأخرى، فمن المنطقي بالتأكيد أن يكون لديك إمدادات طوارئ في المنزل عبر تخزين الطعام وبعض المواد الأساسية». وأشارت إلى قائمة بالاحتياجات الأساسية التي لا بد من توافرها في كل منزل، والتي نشرها المكتب الفيدرالي للحماية المدنية، وتضم الطعام، والأدوية، ومستلزمات النظافة، وأيضاً المستندات وأجهزة الراديو التي تعمل بالبطاريات ومستقلة عن الكهرباء. إلا أن هذه التصريحات أثارت الكثير من الجدل في صفوف الألمان وانتقدها بعض الخبراء مثل تقرير بصحيفة «دي فيلت» الألمانية الذي وصف هذه النصيحة من الوزيرة بـ«الجهل الكبير» في إدارة الأمور. وأشار التقرير إلى أن تصريحات الوزيرة بتخزين إمدادات الطوارئ، في مثل هذه الأوقات التي يعاني منها الشعب من حالة انعدام كبيرة للأمان بسبب أحداث الحرب الروسية على أوكرانيا، وفي ظل الأرفف الخالية للعديد من المنتجات بالمتاجر واختفاء تقريباً لمنتجات أساسية مثل الزيوت والدقيق وغيرهنّ، يظهر عدم الحكمة والجهل في مثل هذه الأوقات الصعبة. وكأنها تعجل باشتعال الحرائق وصب الزيت على النار.
شراء الهامستر
وتطرق التقرير إلى أن هذه التصريحات ستدفع بالمزيد مما يطلق عليه «شراء الهامستر» أو التدفق على المتاجر وخطف السلع من على الأرفف بصورة فيها الكثير من الهلع والذعر لأسابيع قادمة. وأكد التقرير أن تصريحات الوزيرة تكشف عيوب في النظام الألماني لا بد من معالجتها بسرعة، ومنها الحاجة الملحة لتطوير الحماية المدنية للتعامل السريع دون بيروقراطية مع الأزمات المختلفة مثل الأوبئة والحروب والفيضانات. وانتقد التقرير أن تلك التصريحات لم تراعِ أيضاً أصحاب الدخل المنخفض أو العاطلين عن العمل الذين يغطون بالكاد نفقاتهم الأساسية. وأن العائلات ذات الدخل المنخفض على وجه الخصوص ستواجه تحدياً كبيراً، وأنه نظراً لارتفاع أسعار المواد الغذائية، يصعب عليهم توفير إمدادات طوارئ كاملة منذ البداية. وتطرق التقرير لما نشرته البوابة الإلكترونية الخاصة بأخبار المساعدات الاجتماعية للعاطلين عن العمل والتي أشارت إلى أن كلفة إمدادات الطوارئ التي اقترحها المكتب الفيدرالي حالياً تبلغ نحو 356 يورو لعائلة مكونة من أربعة أفراد. وهو مبلغ يعجز عن توفير حتى نصفه الذين يحصلون على مساعدات وإعانة بطالة من الدولة.
انعدام الأمان
من جهة أخرى أكد تقرير لموقع «ميركور» أن خطوة التخزين في البيوت هامة وضرورية الآن أكثر من أي وقت مضى، وأنه خلال العامَين الماضيَين منذ جائحة كورونا وكارثة الفيضانات التي ضربت مناطق كثيرة في ألمانيا، والآن حرب أوكرانيا، تُظهر كلها بوضوح أن حياتنا يمكن أن تخرج عن السيطرة بسرعة، وأن الشعور بالأمان خادع. ونوّه التقرير إلى أنه بسبب العقوبات على روسيا، فهناك خوف متزايد من أن يقوم فلاديمير بوتين بإيقاف تشغيل الغاز في ألمانيا، وهو ما أمر لن يكون له عواقب متوقعة على البلد. وأشار الموقع إلى أن كلمة حرب نووية تتطاير في الأفق منذ أسابيع، ولا يمكن لأحد أن يقول حقاً إلى أين يتجه العالم حالياً. وأن الفكرة أصبحت أكثر رسوخاً بضرورة اتخاذ الاحتياطات للحظة التي يكون فيها كل شيء مختلفاً فجأة ولا شيء طبيعي بعدها. وتحدث التقرير عن القائمة التي يقدمها دوماً المكتب الفيدرالي للحماية المدنية والمساعدة في حالات الكوارث والتي تضم قائمة لتخزين لا تقل عن عشرة أيام حتى تكون كافية لتخطي المواقف الصعبة لحين وصول مساعدات الدولة أو التغلب على حالات الطوارئ.
الصندوق الذكي
وتضم القائمة النسب الخاصة لكل فرد من ضرورة تخزين ما يطلق عليه «الصندوق الذكي» و الذي يضم المياه، والمشروبات، والحبوب، والخبز، والبطاطس، والخضار، والبقوليات، والمكسرات، والفواكه المجففة، والبسكويت، وأيضاً الحليب ومنتجات الألبان المعقمة، والدهون والزيوت. ولا تتضمن القائمة طعاماً يمكن طهيه لضمان تناول نظام غذائي متوازن بشكل معقول حتى بدون كهرباء. وتناول التقرير ما أشار إليه المكتب الفيدرالي للحماية المدنية والمساعدة في حالات الكوارث بالتفريق بين ما يطلق عليه شراء «الهامستر» وإنشاء إمدادات الطوارئ. وأن أولئك الذين يشترون باندفاع وبقليل من التفكير، يخزنون الطعام والأشياء الأخرى التي قد تبدو نادرة. ولكن الأمر يختلف مع إمدادات الطوارئ، حيث يتم شراء الأساسيات فقط بطريقة مستهدفة للغاية. وتضم القائمة أيضاً الأدوية الضرورية والاحتفاظ بجميع المستندات المهمة بحقيبة في متناول اليد. وتحدث تقرير آخر لصحيفة «دي تسايت» عن ضرورة الاستعداد دوماً للأسواء، وأن الدولة بدورها تتخذ الاحتياطيات أيضاً كما صرحت وزيرة الداخلية فيسر، بأنه يجري حالياً جرد للملاجئ، وأن لدى ألمانيا 599 ملجأ عامّاً، مشيرة إلى أنه يمكن أن توفر محطات مترو الأنفاق ومواقف السيارات تحت الأرض الحماية للمواطنين.