في خطاب سياسي مرفق بحراك دبلوماسي وعزيمة سياسية تبدو واعدة، تتجه موريتانيا نحو التغير لتحسين وضعها الاقتصادي، فهل هي قادرة على ذلك في ظل التغيرات الحاصلة اليوم في العالم، ومنها الحرب الروسية - الأوكرانية؟
لا يمكن الحديث عن تغير منتظر في الوضع الاقتصادي هناك ما لم نضع في الحسبان، توظيف أمرين أساسيين، الأول: يتعلق بالعنصر البشري (51% من الموريتانيين شباب) من حيث أنه قوة منتجة يعوّل عليها، والثاني: الموقع الجغرافي (برّاً وبحراً) حيث يعتبر عامل استقطاب وجذب للاستثمار، وهذان العاملان لم يتم توظيفهما بعد بالشكل المطلوب، كما يتطلب تحقيقهما إرادة سياسية صارمة، ووعياً مجتمعياً عاماً.
لا شك أن الإرادة السياسية موجودة خاصة في الوقت الحالي، لكن في موريتانيا يسبق الفعل الثقافي القرارات السياسية، ويصحو التاريخ أحياناً من سباته العميق لجهة صناعة حضارة كانت فاعلة في فضاءاتها الأفريقية والعربية، وتتحرك الجغرافيا بشكل محدود في موقع جيو ـ استراتيجي، عبر علاقة شبه دائمة بين العرب ـ في حضورهم وغيابهم، حلاً وترحالاً عبر التاريخ، وبين الأفارقة عبر اليابسة، ومع أمم أخرى عبر البحر والمحيط في علاقات قارية، وتشترك ـ مكرهة ـ في مواجهة ـ شبه دائمة ـ ضد الجماعات الإرهابية، أدّت بها أحياناً إلى توظيف السيادة لصالح البقاء.
وبالرغم من الحالة السابقة، فإن موريتانيا اليوم تبذل مساعي جادة لأجل تحسين وضعها، وتحظى بدعم مالي عربي، خاصة من دول الخليج، وتحديداً من الإمارات والسعودية، وتتمتع بعلاقات متميزة مع جيرانها، خاصة مع الجزائر والمغرب، لكنها مع ذلك كله، فهي مصنفة في المراتب الدنيا على مستوى الاقتصاديات العربية، حيث أظهر تقرير لتوقعات صندوق النقد الدولي في شهر ديسمبر الماضي (2022): «أن الاقتصاد الموريتاني، سيحتل المرتبة 17، في ترتيب أكبر اقتصادات الدول العربية بحلول عام 2022.. وأن قيمته الاقتصادية ستبلغ 9.3 مليار دولار في العام الجاري».
ومنذ أسبوع فقط، توقع صندوق النقد الدولي، في تقرير له: «أن الاقتصاد الموريتاني سيشهد تضخّماً بنسبة 141% في العام الجاري، مع نمو بنسبة 1.1%»، وكان ـ صندوق النقد الدولي ـ قد أشار في أكتوبر الماضي إلى أنه سيحقق نمواً بمعدل 5% عام 2022.
ومع أن صندوق النقد الدولي قد صنَّف موريتانيا وأفغانستان وجيبوتي وقرغيزستان والصومال والسودان وطاجيكستان وأوزبكستان واليمن كدول منخفضة الدخل في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، إلا أنه حذر من أنّ الحرب الروسية - الأوكرانية تؤثّر على توقعات النمو بالنسبة لأفقر الاقتصادات في شمال أفريقيا، ومنها موريتانيا.