أنس كمال الدين

في وقت مبكر من العام، ركزت الأسواق المالية بشكل مباشر على المخاطر المتزايدة لتوقعات التضخم والآثار المترتبة على الاقتصاد العالمي، لا سيما بالنظر إلى المخاوف بشأن التباطؤ المحتمل في الصين.

وكان المستثمرون قلقين من أن البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة ستضطر إلى تطبيع السياسة بشكل أكثر قوة مما كان متوقعاً قبل بضعة أشهر فقط، ما يتسبب في تشديد حاد في الظروف المالية، وخاصة في الأسواق الناشئة.

وعلى الرغم من أن الحرب في أوكرانيا في هذه المرحلة ليست حدثاً شاملاً عالمياً من وجهة نظر مالية، فمن المتوقع مع ذلك أن يكون لها تأثير مادي في الاقتصاد وسط حالة عدم اليقين المتزايدة بشأن التوقعات، بالإضافة إلى ذلك، فإن الارتفاع الحاد في أسعار السلع الأساسية يزيد من تعقيد التحدي الذي تواجهه البنوك المركزية في خفض التضخم، وهو ما يجعل التضخم والحرب الأوكرانية ثنائياً تهابه اقتصادات العالم التي كانت تؤمل النفس في التعافي خلال العام الجاري من آثار وتداعيات الجائحة.

أمريكا وأوروبا



وكانت أسعار الأسهم أقل تأثراً في الولايات المتحدة والدول المتقدمة في آسيا، حيث يُنظر إلى هذه الاقتصادات على أنها محمية بدرجة أكبر نسبياً من التأثير المباشر للحرب وتدعمها البيانات الاقتصادية القوية الواردة.

في أوروبا، على النقيض من ذلك، يبدو أن المستثمرين أكثر قلقاً بشأن المخاطر المحتملة على التوقعات الاقتصادية والتضخم نظراً لقربهم الجغرافي من الحرب، والاعتماد على الطاقة في روسيا.

الأسهم



وانخفضت أسعار الأسهم في الأسواق الناشئة، بالتزامن مع ارتفاع تكاليف التمويل الخارجي، وكان التأثير واضحاً بشكل خاص على الاقتصادات في أوروبا الوسطى والشرقية.

أخبار ذات صلة

الأسهم العالمية تتجه نحو تحقيق مكاسب أسبوعية
لوسيد تتجاوز هدفها وتنتج 7 آلاف سيارة كهربائية 2022

وعكس أداء الأسهم الصينية الملحوظ في هذه الفترة المخاطر الجيوسياسية المتزايدة، لكن أيضاً العوامل المحلية مثل مخاوف النمو وسط عمليات الإغلاق المرتبطة بـCOVID وعدم اليقين التنظيمي في صناعة التكنولوجيا عالمياً.

سندات عالمية



وشهدت السندات العالمية للشركات توسعاً ملحوظاً، متجاوزة مستويات ما قبل الوباء عبر القطاعات الرئيسية ومعظم القطاعات ذات العائد المرتفع.

وكانت الزيادة أكثر وضوحاً بالنسبة للشركات ذات التصنيف الأدنى، ما يشير إلى مخاوف بشأن التخلف عن السداد في المستقبل.

الأسواق الناشئة



وفي الأسواق الناشئة، يبدو أن المستثمرين يتمايزون عبر البلدان، حيث تضررت اقتصادات السوق الحدودية الأكثر حساسية للمخاطر من تلك التي تربطها علاقات اقتصادية أوثق بروسيا من خلال التجارة والتحويلات المالية (القوقاز وآسيا الوسطى).

وتفوق أداء عملات بلدان أمريكا اللاتينية ومصدري السلع الأساسية مقارنة ببلدان أوروبا الشرقية ومستوردي النفط في آسيا.

وارتفع التقلب بشكل حاد في كل من أسواق الأسهم وأسعار الفائدة في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، ما يعكس تزايد حالة عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية والسياسية.

الحرب الأوكرانية



وازدادت المخاطر السلبية على التوقعات الاقتصادية نتيجة للحرب في أوكرانيا، وكان تشديد السياسة النقدية واضحاً بشكل خاص في أوروبا الشرقية ودول الشرق الأوسط ذات العلاقات الوثيقة مع روسيا، ما يعكس تقييمات أقل للأسهم وتكاليف تمويل أعلى.

وارتفعت مخاطر الاستقرار المالي على عدة جبهات، في الوقت الذي كان فيه الاقتصاد العالمي بدأ يتعافى من تداعيات فيروس كورونا.

وذكر صندوق النقد الدولي في تقرير «الاستقرار المالي العالمي» الصادر أمس، أن إعادة التسعير المفاجئ للمخاطر الناتجة عن اشتداد الحرب وما يرتبط بها من تصعيد للعقوبات قد تؤدي إلى كشف بعض نقاط الضعف التي تراكمت خلال الوباء، ما يؤدي إلى انخفاض حاد في أسعار الأصول.

معادلة صعبة



وذكر التقرير أنه مع الارتفاع الحاد في أسعار السلع، الذي يُتوقع أن يضيف زخماً إلى ضغط التضخم الموجود مسبقاً، تواجه البنوك المركزية معادلة صعبة بين محاربة التضخم القياسي وحماية الانتعاش الذي حصل في فترة ما بعد الوباء في وقت يتزايد فيه عدم اليقين بشأن آفاق الاقتصاد العالمي.

وتشير بيانات التضخم الواردة إلى أن التشديد الأكثر حسماً للسياسة النقدية ضروري في العديد من البلدان بعد الارتفاع في وقت مبكر من العام بسبب المخاوف بشأن توقعات التضخم، زادت عائدات السندات الاسمية للاقتصاد المتقدم بشكل أكبر منذ بدء الحرب، وسط تقلبات متزايدة في الأسعار.

مرونة النظام المالي



ولا تزال تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية والعقوبات التي تلت ذلك يتردد صداها عالمياً، وستختبر مرونة النظام المالي من خلال قنوات محتملة مختلفة، بما في ذلك الانكشاف المباشر وغير المباشر للبنوك والمؤسسات غير المصرفية؛ واضطرابات أسواق السلع وزيادة المخاطر؛ وضعف سيولة السوق وضغوط التمويل؛ وتسريع عملية التشفير في الأسواق الناشئة؛ والأحداث المحتملة ذات الصلة بالإنترنت.