هناك أضرار لا حصر لها تصيب البعض ولا معاقبة للمتسبب، رغم أن بعض أضرارها تتعدى في جسامتها أضرار الأفعال المجرّمة وفق القانون، فكم من مريض زاد ألمه وهو في طريقه للمستشفى، ومستثمر خسر صفقة مهمة، ومسافر لم يصل في موعده المحدد ليركب الطائرة، وطالب تأخر عن أداء امتحانه، وشخص يبحث عن عمل لم يصل في الموعد المحدد لمقابلته، وموظف تم توبيخه أو خصم راتبه، وكل ذلك سببه أنهم كانوا يسلكون الطريق الذي كان يسلكه سائق أرعن يقود مركبته وهو مشغول بهاتفه وتسبب بحادث فعطّل الطريق، ورغم ذلك لم تتم مساءلته عن الضرر الذي لحق بضحاياه، والأَكثر مرارة من كل ذلك أن بعض المتضررين هم من يدفعون الثمن، وقد تتم مُحاسبتهم ولن يشفع لهم مبررهم بأنهم ضحايا لظروف قاهرة.
في هذا العالم توجد أعمال وتصرفات تنجم عنها خسائر وأضرار وهضم لحقوق الآخرين، ورغم ذلك لا يمكن وصفها بالجريمة وفقاً للمبدأ القانوني «لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني».
في هذا العالم توجد أعمال وتصرفات تنجم عنها خسائر وأضرار وهضم لحقوق الآخرين، ورغم ذلك لا يمكن وصفها بالجريمة وفقاً للمبدأ القانوني «لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني».
من أنواع تلك الجرائم قد تُترك سلطة تقدير الأمور لشخص يُشهد له بالأمانة ولكن رغم ذلك قد يَظلم الآخرين نتيجة قدراته المحدودة، التي لا تؤهله بأن يُعطي كل ذي حق حقه، ورغم ذلك لا تتم محاسبته لأنه نُظر إلى أمانته ولم يُنظر لقدراته المحدودة التي تسببت في ضرر الآخرين.
وهناك من يُلحق الضرر بالآخرين مستغلاً هامش الحرية الممنوح له، والذي يَحول دون معاقبته، فقد يلحق الضرر بالمؤسسة التي يعمل فيها لأنه يخلط بين مهامه الوظيفية وموقفه الشخصي من الآخرين، فقد يتسبب بضرر شخص لأنه قدّم الدليل على ضعف أدائه المهني فيبدأ بالكيد له مستخدماً صلاحياته الوظيفية.
تتفاوت معايير الضرر من شخص لآخر، فعند ارتكاب فعل معين يرى البعض ألا ضرر فيه، بينما يُقيمها آخرون بأنها جريمة قد تؤثر على مستقبل موظف أو تهضم حقوقاً أدبية لشخص آخر، كمن يحجب صورة شخص في موقع إلكتروني لطمس جهوده أو تميزه انتقاماً لأن هذا الشخص لم يَرُق له، وعند مواجهته يتهم النظام الإلكتروني بالتسبب في الضرر وليس هُو، فكم من الأعمال غير الأخلاقية ارتكبها البعض متعمداً ثم اتهم التقنيات بأنها السبب.