خلال الأسبوع الماضي تناقلت وسائل الإعلام جميعها خبر إبعاد وكالة الطاقة الدولية من لجنة المصادر الثانوية الرسمية التي تراقب إنتاج منظمة أوبك الشهري من النفط الخام، جاء ذلك بعد خلاف طويل بين المؤسستين وتخبطات الوكالة مؤخراً وتدخلاتها غير المبررة.
البداية كانت من إطلاق خارطة الطريق لصافي انبعاثات صفري، حيث كشفت وكالة الطاقة عن وجهها الحقيقي وتحيزها غير المبرر تجاه دول عن غيرها، متناسية بذلك الدول منخفضة الدخل، وتكلفة مشاريع الطاقات المتجددة وكيفية تمويلها، ونمو قطاع البتروكيماويات المتزايد، ونقص الإمدادات البترولية حتى عام 2050، وتجاهل المبادرات القائمة لخفض الانبعاثات الكربونية، وعلى سبيل المثال الاقتصاد الدائري للكربون.
الكثير يتوقع بأن الدول المنتجة للنفط والغاز تحارب فكرة التغير المناخي والاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة، وذلك غير صحيح! لكنها بكل تأكيد لن تتهاون في الدفاع عن أحد أهم مصادر ثرواتها الطبيعية، فما هو الحل؟
الحل هو التوازن في الطرح، وإشراك الدول، وحثها على تبني استراتيجية خاصة لها تتماشى مع مصادرها وظروفها الخاصة، لتكون قادرة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه ملف المناخ، وهذا ما صرح به سابقاً الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وزير الطاقة السعودي قائلاً: «حال كان القصد هو التخلي عن مصادرنا فسوف تكون مشاركتنا محدودة». المملكة وبدورها الريادي وخلال قمة العشرين العام المنصرم أطلقت مبادرة الاقتصاد الدائري للكربون الذي بدوره سيقلل من الانبعاثات ويساهم نحو أمن طاقيّ للدول منخفضة الدخل.
باتت تقارير وشعارات وكالة الطاقة تقويضاً لما تم تحقيقه من منظمة أوبك خلال الفترة الماضية من استقرار لأسواق الطاقة والمحافظة على مستويات أسعار النفط، لتتناسب مع الجميع سواء منتجين أو مستوردين. الوكالة أصبحت متناقضة ومتضاربة الآراء بسبب الضغوط التي تمارس على تقاريرها لتتماشى مع بعض سياسات الدول الكبرى، فتارة تدعو لوقف الاستثمارات الجديدة في قطاع المنبع، وتارة تطالب تحالف أوبك بلس بضخ المزيد لتهدئة الأسعار وضمان الإمدادات. لكن ما تتجاهله الوكالة هو أن انخفاض الاستثمارات في قطاع المنبع سوف يكون له عواقب وخيمة، وعلى المجتمع الدولي التنبه لها وتحمل الآثار المترتبة على ذلك.
إضافة لذلك قطاع البتروكيماويات متزايد النمو لن يكون بأحسن حال، فعندما تتوقف الاستثمار في قطاعَيْ النفط والغاز سيُخلَق شح في الإمدادات؛ مما يؤثر على الصناعات التحويلية بشكل مباشر.