بدأت إجازة نصف العام الدراسي أو إجازة الربيع، لتبدأ معها أزمة أسرية وهي: كيف وأين يقضي أبناؤنا هذه الإجازة؟
شاءت مشيئة الله أن تصادُف الإجازة المدرسية حلول شهر رمضان المبارك، غير أن هناك فئة تحبذ السفر «عنوة» بالرغم من وجود خيارات داخلية عديدة يمكن استغلالها على صعيد الترفيه العائلي حتى في رمضان، فتجد الكثير يجبر نفسه على الاقتراض البنكي بلا داعٍ، لكون المسألة قد أصبحت «وجاهة» اجتماعية أكثر منها ترفيهاً، ومجاراة للآخرين من الجيران والمعارف الذين قد تهيؤوا للسفر، ومن العار ومن غير اللائق التخلف عنهم، والبقاء في ربوع الدار دونهم!
الجدير بالذكر أن أكثر القروض البنكية في دولة الإمارات تأتي لدواعي الرفاهية والترفيه، إمّا للسياحة أو لشراء سيارة، ويبقى الاقتراض لشراء أو بناء منزل أو للزواج في مؤخرة سلّم القروض.
اليوم توجهات الناس الاستهلاكية تقودها إمبراطوريات إعلانية عالمية عتيدة، فنحن محاطون بل مقيدون بدائرة الاستهلاك اليومي المنظم، فالراديو يضخ في كل فاصل إعلانات مسموعة مكثفة مغرية من قروض بنكية ميسرة، وفي الوسيلة المرئية تشاهد الرسائل التوعوية الإرشادية الموجهة للأسرة لترشيد الاستهلاك، ولتعزيز مهارة الادخار، والكثير من العناوين الموجهة لكافة الشرائح الاجتماعية، للتغلب على الكثير من العادات السلبية، ومنها الاقتراض الاستهلاكي!
صيفنا أو ربيعنا لم يتغيّر، ولكنه على الصعيد المحلي حافل ويزخر بالعديد من الأنشطة والفعاليات التي تجمع العائلة، التي تتوزع ضمن خطط تنسيقية من قِبل هيئات السياحة ما بين المراكز التجارية والمدن الترفيهية الجديدة والجزر البحرية وغيرها من الوجهات السياحية الحيوية المنتشرة على امتداد مدن الدولة.
الخيارات كثيرة ومتعددة ومتاحة للجميع، ويبقى التخطيط من قِبل الأبوين في كيفية استثمار إجازة الأبناء على نحو أمثل هو الأهم، بتقسيم وقت الإجازة أولاً، وبتخصيص جزء منها يكتسبون فيه مهارات جديدة تعزز قدراتهم الذاتية وصقل مخزونهم المعرفي، وإشراكهم بنشاطات تعزز فيهم الاعتماد على النفس وتشعرهم بمتعة الترفيه معاً.
الإجازات المدرسية لا تعني بالضرورة أن يقضيها الأبناء إمّا بين ردهات المطاعم واللعب واللهو وكأن عملية ترفيه العيال طقس يومي لا مناص منه طيلة أيام الإجازة، وكأن البيوت مسكونة بالعقارب والثعابين، أو ترك الحبل لهم يتسكعون حتى منتصف الليل بلا حسيب أو رقيب، أو بالأكل والنوم أو التوحد بأجهزتهم الذكية، أو السفر بقرض بنكي، وتكبد أعبائه المالية فقط لمجاراة أو لـ«مغايظة» فلان أو علاّن!