لم تعلن النتائج النهائية بعد، لكن سرعان ما اعترف رئيس كوستاريكا السابق خوسيه ماريا فيجيريس بهزيمته في جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية التي جرت، الأحد، أمام منافسه الخبير الاقتصادي والمسؤول السابق بالبنك الدولي رودريجو تشافيز.
جاء الاعتراف بعد صدور نتائج أوليّة جزئية عن لجنة الانتخابات في كوستاريكا، بعد فرز أصوات 89% من بطاقات الاقتراع، تشير إلى تقدم تشافيز بفارق كبير عن خصمه، حيث حصل الخبير الاقتصادي على نحو 52.9% من الأصوات، مقابل حصول فيجيريس على 47.1% فقط من أصوات الناخبين.
ومن المتوقع الإعلان عن النتائج النهائية هذا الأسبوع، بعد المصادقة على التصويت يدوياً.
فضائح
وذكر تقرير لموقع «دويتشه فيله» الألماني، أن المرشح اليميني المحافظ ووزير المالية السابق «فاز» بعد انتخابات إعادة لوثتها الفضائح السياسية لكلا المرشحين، مشيراً إلى أن الانتخابات جاءت أيضاً وسط أزمة اقتصادية متنامية في كوستاريكا، إذ يشعر المواطنون بالإحباط بسبب فضائح الفساد العام، وموجة جديدة من كوفيد-19، إضافة للظروف المعيشية السيئة.
ونجح تشافيز (60 عاماً) وفيجيريس في الوصول إلى المرحلة النهائية من الانتخابات الرئاسية، رغم الفضائح السابقة التي طغت على حملتيهما الانتخابية، والتي أسفرت عن أدنى نسبة مشاركة منذ أربعينيات القرن الماضي.
فمن ناحية، جرى التحقيق مع تشافيز المنتمي لحزب التقدم الاشتراكي الديمقراطي اليميني، بتهمة التحرش الجنسي خلال فترة عمله مسؤولاً كبيراً في البنك الدولي، وتم تخفيض درجته الوظيفية. واختار تشافيز التركيز في حملته على الاقتصاد وخلق فرص العمل، واعتبر أن الموضوعات الملحة التي يجب معالجتها هي تلك التي تسبب الانزعاج والمعاناة للشعب، مثل نقص الوظائف وكلفة المعيشة (يعيش نحو 23% من السكان في فقر).
أما فيجيريس، ممثل حزب التحرير الوطني، أقدم وأكبر حزب سياسي في كوستاريكا، فتولى رئاسة البلاد خلال الفترة من 1994-1998، وجرى التحقيق معه بزعم قبول 900 ألف دولار من شركة «ألكاتيل» الفرنسية. وفي حملته الانتخابية، صب اهتمامه أيضاً على الاقتصاد والبطالة (تبلغ نحو 14.4% حسب إحصاء 2021)، لا سيما وأن كوستاريكا تشهد أسوأ ركود اقتصادي منذ 4 عقود، كإحدى تداعيات الجائحة.
لم يكن معروفاً
وأشار تقرير لموقع «فرانس 24» إلى أن تشافيز «لم يكن معروفاً نسبياً للكثيرين»، بالنظر إلى أن تجربته السياسية السابقة الوحيدة كانت فترة 6 أشهر تولى فيها حقبة وزير المالية بين عامي 2019-2020 في الحكومة المنتهية ولايتها. واعتبر أن وعوده بمعالجة الاقتصاد تحت شعار «أنا للقتال» ساعدته في الصعود من بين 25 مرشحاً كانوا في الجولة الأولى في فبراير الماضي.
كان تشافيز قد عاد إلى بلاده عام 2019، بعد عقود أمضاها في الخارج، بينها 27 عاماً في البنك الدولي، وقدم نفسه على أنه «منشق قادم من الخارج»، مستغلاً بحنكة لحظة السخط الشعبي من المؤسسة السياسية في الدولة اللاتينية.
وانتقد تشافيز الأحزاب السياسية التقليدية، والشركات الكبرى، ووسائل الإعلام، متعهداً في حملته بتعديل النظام السياسي، في بلد يوصف بأنه أكثر دول أمريكا الوسطى استقراراً، إذ أنقذ الحزب الحاكم، المتهم بالفساد والبعد عن الناس، كوستاريكا من الاضطرابات السياسية التي عصفت بمناطق أخرى في أمريكا الوسطى.
ونقل تقرير لـ«نيويورك تايمز» عن جيمس بوسورث، مؤسس شركة الاستشارات السياسية هكساجون المعنية بدول أمريكا اللاتينية، قوله إن «الناس في كوستاريكا يبتعدون عن أحزابهم السياسية.. البلاد ستواجه صعوبة في حل تحدياتها بدون هذا النظام السياسي القوي». وتتمثل هذه التحديات في تمويل القطاع العام، والإنفاق الاجتماعي، وتنشيط الاقتصاد، فضلاً عن تفادي تداعيات التغير المناخي.
يفتقر للخبرة
ولفت التقرير إلى حرص تشافيز في حملته على التذكير بأن والده كان الحارس الشخصي لوالد خصمه، خوسيه فيجيريس فيرير، مؤسس حزب التحرير الوطني، بهدف التقرب إلى العامة، لكن فيجيريس نفى ذلك، مؤكداً أن والد تشافيز «لم يعمل أبداً لدى أسرتنا».
وفي المقابل، ركز فيجيريس في حملته على انتقاد افتقار تشافيز للخبرة السياسية في حكومة كوستاريكا، والتي تقتصر على فترة الـ6 أشهر وزيراً للمالية برفقة الرئيس المنتهية ولايته كارلوس ألفارادو.
وقالت «نيويورك تايمز» إنه «رغم انتصار تشافيز.. فإن الدعم الضعيف الذي يتمتع به في الكونجرس، واستقلالية المحاكم القوية في البلاد.. ستُصعبان عليه الوفاء بوعود حملته بزيادة الإنفاق الاجتماعي ووضع حد لعدم المساواة». وقالت إن حزبه سيحصل فقط على 10 مقاعد من أصل 57 في الهيئة البرلمانية، ونقلت عن محللين توقعاتهم بأن الدورة السياسية المقبلة (4 سنوات مدة الرئاسة) ستكون «مخيبة لآمال الناس من النظام السياسي.. لاسيما وأن تشافيز يفتقر إلى منصة شعبية تمكنه من تلبية الآمال المُعلقة عليه».