مصطفى ابراهيم

وافقت الدول الأعضاء الـ31 في وكالة الطاقة الدولية، الجمعة، على إطلاق جديد للنفط من احتياطيات الطوارئ استجابة لاضطراب السوق الناجم عن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، مما يؤكد التزامهم القوي والموحّد بتحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة العالمية.

وقالت الوكالة في بيان، إنه تم التوصل إلى الاتفاق في اجتماع غير عادي لمجلس إدارة الوكالة الذي عقد على المستوى الوزاري وترأسه وزيرة الطاقة الأمريكية جينيفر جرانهولم.

وحسب البيان، سيتم الإعلان عن تفاصيل الإصدار الجديد لمخزون الطوارئ في مطلع الأسبوع المقبل.

وتأتي الاتفاقية في أعقاب الإجراءات السابقة التي اتخذتها الدول الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية التي تم الإعلان عنها الشهر الماضي، حيث تعهدت بتقديم إجمالي 62.7 مليون برميل فيها.

وجدد وزراء وكالة الطاقة الدولية مخاوفهم بشأن الآثار المترتبة على أمن الطاقة بسبب الإجراءات التي اتخذتها روسيا، وأعربوا عن دعمهم للعقوبات التي يفرضها المجتمع الدولي رداً على ذلك.

أخبار ذات صلة

الرئيس المعيّن لمؤتمر الأطراف COP 28: الإمارات تهدف لاستضافة مؤتمر يركّز على النتائج العملية ويحتوي الجميع ويحقق تحوُّلاً جذرياً في آلية العمل المناخي
انطلاق أعمال منتدى الطاقة العالمي في أبوظبي.. ودعم العمل المناخي يتصدر النقاشات

ضغوط كبيرة

وأشار الوزراء إلى أن العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا لا تزال تضع ضغوطاً كبيرة على أسواق النفط العالمية، مما يؤدي إلى زيادة تقلب الأسعار.

وتابعت الوكالة: «يحدث هذا على خلفية المخزونات التجارية التي هي عند أدنى مستوى لها منذ عام 2014 والقدرة المحدودة لمنتجي النفط على توفير إمدادات إضافية على المدى القصير»، مشيرة إلى الصعوبات الخاصة في أسواق الديزل.

وتمتلك الدول الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية مخزوناً احتياطياً يبلغ 1.5 مليار برميل.

وستكون الاتفاقية الأخيرة هي المرة الخامسة التي تلجأ فيها وكالة الطاقة الدولية للمخزون الاستراتيجي، وكان تم اتخاذ إجراءات جماعية سابقة في أعوام 1991 و2005 و2011 و1 مارس 2022.

وأكدت وكالة الطاقة، أن احتمال حدوث اضطرابات واسعة النطاق في إنتاج النفط الروسي يهدد بإحداث صدمة عالمية في إمدادات النفط.

وتلعب روسيا دوراً كبيراً في أسواق الطاقة العالمية. وهي ثالث أكبر منتج للنفط في العالم وأكبر مصدر. وتمثل صادراتها التي تبلغ حوالي 5 ملايين برميل يومياً من النفط الخام ما يقرب من 12% من حجم تجارة النفط العالمية - ويمثل ما يقرب من 2.85 مليون برميل يومياً من المنتجات البترولية حوالي 15% من تجارة المنتجات المكررة العالمية.

وأورد بيان الوكالة، بأن حوالي 60% من صادرات النفط الروسية تذهب إلى أوروبا و20% أخرى إلى الصين.

كما أوصى مجلس الإدارة الطاقة، بأن تحافظ الحكومات والمستهلكون على جهود توفير الطاقة وتكثيفها. ورحب الوزراء بخطة الوكالة الدولية للطاقة المكونة من 10 نقاط لخفض استخدام النفط كدليل للدول الأعضاء لتقليل استهلاكها للنفط.

أسعار النفط

وسجلت أسعار النفط أفضل أداء فصلي منذ منتصف 2020، مع تمسك تحالف أوبك+ بسياسة الإنتاج وقرار سحب الولايات المتحدة من احتياطيات النفط الاستراتيجية.

وسجلت أسعار العقود الآجلة لخام برنت القياسي ارتفاعاً شهرياً بنسبة 6.9% في مارس الماضي، فيما صعدت الأسعار بأكثر من 34% في الربع الأول من 2022.

فيما زادت أسعار خام غرب تكساس الأمريكي بنسبة 4.8% في مارس، وبارتفاع ربعي سنوي بنسبة 33% بالربع الأول من العام.

قرارات أوبك+

قرر تحالف أوبك+، الخميس، الإبقاء على سياسة الإنتاج الحالية خلال شهر مايو المقبل، ليرتفع الإنتاج بنحو 432 ألف برميل يومياً، على الرغم من الدعوات المتزايدة من قبل الولايات المتحدة ووكالة الطاقة الدولية لضخ المزيد من الإمدادات لتهدئة الأسعار.

وأعاد تحالف أوبك+ التأكيد على تعديل خط الأساس، وخطة تعديل الإنتاج وآليته الشهرية، التي تمت الموافقة عليها في الاجتماع الوزاري الـ19 للتحالف، مشدداً على الأهمية الحاسمة للامتثال الكامل، وآلية التعويض، والاستفادة من مد فترة التعويض حتى نهاية يونيو 2022. وأضاف التحالف أن توقعاته بشأن نمو الطلب العالمي على النفط خلال العام الحالي ستخضع للمراجعة، في ظل التوترات الجيوسياسية الراهنة.

ارتفاعات قياسية

من جانبه، قال أحمد حسن كرم، محلل الأسواق العالمية، إن توجه الدول الصناعية الكبرى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية للإفراج عن احتياطيات النفط الاستراتيجية جاء في ظل ارتفاعات قياسية في أسعار النفط وزيادة معدلات التضخم.

وأوضح كرم في إفادة لـ«الرؤية»، أن هذه الارتفاعات لا سيما زيادة أسعار البنزين في أمريكا دعمت قرار إدارة الرئيس الأمريكي في اتخاذ قرار مصيري بالإفراج عن مليون برميل يومياً من مخزونها الاستراتيجي على مدار 6 أشهر، وهو سيؤدي إلى انخفاض أسعار النفط قليلاً.

وتابع كرم: «على أي حال إن هذا القرار ربما سيخفض أسعار النفط قليلاً، لكنه لن يكون انخفاضاً كبيراً كما تطمح أمريكا، ولكن ربما نرى لاحقاً زيادة في أسعار النفط عندما يحين تعويض النقص الذي سيحصل للمخزون الأمريكي الاستراتيجي».

وبالنسبة لدور منظمة الطاقة الدولية، أكد كرم بأنه لا يتضمن سوى التحفيز على التوجه إلى الطاقة المتجددة والبديلة لتقليل الاعتماد الكلي على البترول، وربما ستطلب من مجموعة الأوبك بلس رفع إنتاجها حتى لا تتأثر الدول الصناعية من الأسعار المرتفعة للوقود.

قرار سياسي

إلى ذلك، قال طاهر مرسي، رئيس قسم أبحاث السوق لدى «سبائك مصر»، إن قرار الإفراج عن مخزونات النفط الاستراتيجية هو قرار سياسي، في محاولة للقفز عن الأسباب الحقيقية للمشكلة في الأسواق.

وأكد مرسي، في تصريحات لـ«الرؤية»، أن إدارة الرئيس بايدن تسعى لخفض أسعار البنزين مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في نوفمبر المقبل، أي بعد ما يقارب الـ6 أشهر، لقيادة جموع الناخبين في اتجاه آخر تماماً، لا يعكس فشل الإدارة في معالجة مشاكل الاقتصاد الأمريكي.

وأشار مرسي إلى أن وكالة الطاقة الدولية لا تملك آليات حقيقية للتحكم في تسعير النفط، حيث إن النفط سلعة حساسة تجاه عوامل كثيرة لا يمكن التنبؤ بتأثيراتها، ولا المسارات المتوقعة لها.

وأضاف أن وكالة الطاقة لا يمكنها سوى التوعية والنصح والتوجيه، ويبقى سلوك الدول هو المتحكم الرئيس في الأسعار.

وأضاف: «أن السحب من المخزونات يمكن أن يؤدي لزيادة الطلب مستقبلاً من نفس الدول التي حاولت التخلص من مخزوناتها حالياً، بعدما تتعرض مخزوناتها لهزة، لتدفع الأسعار للارتفاع مرة أخرى، مما يجعلها ربما محاولة بائسة تفتقد الكثير من الحسابات الاقتصادية».