تميز قناة أخبارية عن أخرى يعتمد على انتشار مراسليها وأدائهم الحيادي ونقلهم الصوت والصورة كما هي كشهود عيان، فالتحية والتقدير للمراسلين الذين ضحوا بحياتهم أو من أصيبوا في ميادين الأحداث لنقل الحقائق، والتحية والتقدير موصولان لمن يثابر لإيصال الحقيقة رغم المخاطر التي تحيط به.
والمشاهد قد يستوعب تصرفات المراسل غير الحيادي الذي ينتمي لمحطة تعلن أنها تتبنى وجهة طرف في نزاع معين، ولكن لا مبرر لقناة تزعم الحياد بينما مراسلها يقوم بتحوير وتزييف الحقائق تنفيذاً لتوجهاتها غير المعلنة، حيث تستغل تصديق بعض مشاهديها لمزاعمها بأنها تنقل الحقيقة كما هي لأنها لا ناقة لها ولا جمل في الأحداث التي تغطيها، بينما في الخفاء هي إحدى الأسلحة المعتمد عليها من أحد أطراف النزاع والتي لا تقل أهمية عن بقية أنواع الأسلحة البرية والبحرية والجوية والإلكترونية المشاركة في النزاع.
ومِن المراسلين مَن يتحول لمخرج هوليودي ويتدخل لإعداد مسرح الحدث كتصوير مشاهد مأساوية مستعيناً بمجموعة من الكومبارس ينتهي دورهم بمجرد أن ينتهي المراسل من لقطته الخادعة، وقد تُسند البطولة لشاهد عيان لم يرَ شيئاً ليعلق على المشهد ويهول الأمر ليحبك المشهد الهوليودي، وبهذا يصعب على المشاهد التفريق بين التمثيل والحقيقة.
لا يمكن نكران أن المراسلين بشر لهم مشاعرهم التي لا يستطيعون أن يكبتوها أو السيطرة عليها نتيجة تأثرهم ببعض المواقف والمشاهد المأساوية التي يرونها أثناء تغطيتهم للأحداث، ولكن ما يؤخذ على بعضهم أنهم يستغلون هذه المشاهد المأساوية لتحميل طرف في النزاع قد يكون ليس هو المسؤول الأول عن وقوع مثل الأحداث المأساوية، كما أن ثقافة بعض المراسلين لا ترتقي لمستوى الحدث الذي ينقله؛ ما قد يتسبب بنقل الحدث بصورة مشوهة أو ناقصة.
والمراسل عندما ينقل الأحداث فهو الشاهد الأول على ما ينقله للآخرين ولكن بعد أن أثبت الواقع العملي أن بعض المراسلين يفتقدون للمهنية والنزاهة ويزورون الحقائق، فهل سيتم مطالبتهم بأن يضعوا على صدورهم شارة تثبت أنهم أدوا القَسَم وتعهدوا أن يؤدوا رسالتهم بكل شرف وأمانة أسوة بقَسَم أبوقراط الذي يؤديه الأطباء، أو القسم الذي يؤديه القضاة قبل توليهم مناصبهم لضمان نزاهتهم و حيادهم، أو قَسَم الشاهد أمام معظم المحاكم في العالم التي لا تقبل شهادته ما لم يُقْسِم، أم أن القَسَم في عالم الإعلام يخالف قواعد اللعبة الإعلامية؟ لا سيما أن من سيعترض على أداء القسم بحجة من لم يردعه ضميره لن يردعه قَسَمُه.