سجلت أسعار الفائدة في نهاية الأسبوع الماضي تقارباً جديداً بين العوائد على السندات قريبة الأجل وبعيدة الأجل، فبحسب الموقع الرسمي للخزانة الأمريكية ختمت العوائد على سندات السنتين عند 2.3% و2.51% للخمس سنوات بينما العشر سنوات عند 2.48%
وتراجع الفارق الأكثر متابعة لدى المستثمرين بين عوائد السنتين والعشر سنوات إلى 0.21% مقترباً أكثر من خط الصفر.
ما يعني استمرار التحرك باتجاه تسطيح منحنى العائد وارتفاع درجة التخوف من الوصول إلى منحنى العائد المقلوب.
ينظر المستثمرون إلى منحنى العائد كأحد أفضل المؤشرات الاستباقية لحركة الاقتصاد مستقبلاً، نظراً لقدرته التنبؤية التي أثبتت صحتها في أغلب المناسبات خلال آخر 50 سنة بحسب الإحصاءات، والمفارقة هنا أن المنحنى أساساً يعبر في جزء كبير منه عن نظرة المستثمرين أنفسهم للاقتصاد مستقبلاً.
ولفهم سبب القلق من تسطيح المنحنى أو انقلابه وتسليط الأضواء عليه بشكل مكثف في حال حدوثه، يجب فهم تركيبة المنحنى وكيفية عمله.
يمثل المنحنى الفرق بين العوائد على السندات طويلة الأجل مقابل القصيرة الأجل، وفي الوضع الطبيعي تكون العوائد على سندات العشر سنوات أعلى منها في سندات السنتين مثلاً، فمن المنطق أن يفضل المستثمر شراء السندات قصيرة الأجل على أن يحجز أمواله في سندات طويلة الأجل، في حركة غير معلومة لما قد يحدث من تقلبات وتغيرات في عشر سنوات، على عكس أوراق الشهر والثلاثة أشهر مثلاً، فمن الصعب أن تحدث الكثير من التقلبات خلال فترة قصيرة، لذلك تكون العوائد على السندات طويلة الأجل أعلى لجذب المستثمرين حيث إن الطلب عليها أقل، ويظهر ذلك على الرسم البياني بشكل منحنى صاعد.
بالتالي أي تغير في قيمة العوائد بشكل معاكس لما سبق سيغير من شكل المنحنى الصاعد، سواء ارتفاع العائد على القصير أو انخفاض العائد على الطويل الأجل.
إذاً ما الذي سيدفع المستثمرين للتوجه إلى السندات طويلة الأجل على حساب قصيرة الأجل سوى أن تكون المخاطر على المدى القصير أعلى من مجرد حجز أموال لفترة أطول، مثل التخوف من تباطؤ النمو الاقتصادي الذي تعكسه عمليات رفع الفائدة من الفيدرالي، أو الاعتقاد بأن عوائد الاستثمارات الأخرى لن تكون مجدية أو ذات مخاطر أعلى، إضافة للتوترات السياسية الآنية كما هو الحال حالياً بسبب الحرب الروسية الأوكرانية؟
كنتيجة لارتفاع الطلب على السندات البعيدة الأجل ينخفض العائد عليها، وبالتالي يتغير شكل المنحنى من صاعد إلى مسطح وفي حال فقدان السيطرة واستمرار نفس النهج ينعكس المنحنى.
بناء على ما سبق ينذر تسطح المنحنى بحدوث ركود اقتصادي محتمل، فهل يوجد داعٍ للذعر؟ في الواقع وحسب البيانات فإن أي ركود بعد الإشارة عادة ما يحدث في فترة تمتد من 3 إلى 24 شهر، كما أنه يبقى مؤشراً من عدة مؤشرات قابلة للصواب والخطأ، ويمكن أن يعود شكل المنحنى لطبيعته إذا تحسنت المؤثرات.
فوق هذا كله، يعتبر التنويع في الاستثمارات وموازنة المخاطر أو استخدام بعض الاستراتيجيات مثل استراتيجية «باربل» ستكون مفيدة وتخفف من تأثير أي تباطؤ أو ركود قصير الأجل.