لا يكاد الاقتصاد في العالم مؤخراً يخرج من صدمة حتى يواجه صدمة أخرى، والكثير من تلك الصدمات هو نتيجة تطبيق سياسات اقتصادية غير واقعية أو بسبب تداخل أهداف سياسات متعددة بشكل متناقض، لدرجة أن المراقب أحياناً يحتار في تقييم تلك السياسات والقائمين عليها.
وفي الوقت الذي لا حديث للمراقبين الأمريكيين إلا عن مخاطر التضخم ومشاكل سلاسل الإمداد، تتوالى القرارات السياسية بالعقوبات على روسيا، مما يفاقم من التضخم ويزيد من مشاكل سلاسل الإمداد، ومن ضمن تلك القرارات ما يتعلق بالنفط والغاز اللذين وصلت أسعارهما إلى مستويات مرتفعة جداً يشتكي منها المواطن الأمريكي والأوروبي، ثم تجد صنّاع القرار يبحثون عن من يوجهون له اللوم بدلاً من البحث عن حلول عملية، فبايدن على سبيل المثال قال في أحد خطاباته إن بوتين هو المسؤول عن التضخم في أمريكا رغم أن التضخم بدأ قبل الحرب!
لا يبدو أن هذا الوضع سيتغير قريباً، ففي الأسبوع المقبل يقدّم الرئيس الأمريكي جو بايدن خطته لموازنة 2023، التي يضَمِّنُها عدداً من الإصلاحات، أهمها ضريبة الأثرياء بحيث يدفع من تتخطى ثروته مستوى محدداً نسبة من أرباحه السنوية، سواء كانت أرباحاً محققة أو غير محققة. الهدف من هذا التعديل تخفيف عجز الموازنة وتوفير أموال أكثر للصرف على البنية التحتية إضافة إلى عدالة أكبر في توزيع الثروات، وهذه الأهداف من الممكن مناقشتها والبحث في أفضل الطرق للوصول إليها، ولكن ليس في وقت عدم استعداد الوضع الاقتصادي الحالي لإثارة جدل من هذا النوع مع احتمال التأثير على الشركات الكبرى في وقت يحتاج الاقتصاد إلى كل أنواع الدعم الممكن لمكافحة التضخم والركود المحتمل.
وفي الوقت الذي لا حديث للمراقبين الأمريكيين إلا عن مخاطر التضخم ومشاكل سلاسل الإمداد، تتوالى القرارات السياسية بالعقوبات على روسيا، مما يفاقم من التضخم ويزيد من مشاكل سلاسل الإمداد، ومن ضمن تلك القرارات ما يتعلق بالنفط والغاز اللذين وصلت أسعارهما إلى مستويات مرتفعة جداً يشتكي منها المواطن الأمريكي والأوروبي، ثم تجد صنّاع القرار يبحثون عن من يوجهون له اللوم بدلاً من البحث عن حلول عملية، فبايدن على سبيل المثال قال في أحد خطاباته إن بوتين هو المسؤول عن التضخم في أمريكا رغم أن التضخم بدأ قبل الحرب!
أما في أوروبا، فصناع القرار يريدون معاقبة روسيا ولكنهم لا يستطيعون الاستغناء عن الغاز الروسي لأنهم لم يعملوا طوال سنين مضت على توفير البديل، وفي بريطانيا يرفض وزير المالية حتى الآن تغيير الخطة التي تقضي بزيادة نسبة الاشتراكات للموظفين والشركات في نظام التأمين الصحي، وهو ما سيؤدي بالتأكيد إلى زيادة الأعباء على المواطنين، رغم أن الحكومة من المتوقع أن تجني أموالاً أكبر من الضرائب، وهذا كله يحصل في وقت وصلت فيه كلفة المعيشة في بريطانيا إلى أعلى مستوياتها منذ 60 سنة.
في أوضاع طبيعية، قد نتفهم بعض التناقضات في السياسات بسبب الحسابات الانتخابية حيث يحاول الطرف الموجود في الحكم أن لا يعطي خصمه فرصة لأن يهاجمه من خلالها، ولكن في خضم أوضاع اقتصادية ومخاطر تاريخية، من الصعب تفسير تخبط مثل هذا.