أيام معدودة وقليلة، ما بين تغريدة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، التي طرح فيها تساؤلاً بسيطاً ولكن بوزن استراتيجي أقتطف منه جزئية بسيطة: (ألم يحن للعرب أن يتقاربوا؟!)، وبين أن يتفاجأ العالم كله بالإعلان عن وصول الرئيس السوري بشار الأسد، بداية هذا الأسبوع، إلى دولة الإمارات وكأن سموه بذلك يؤشر إلى أن أفعال القيادة السياسية الإماراتية هي الرد العملي لما يقولونه.
11 عاماً من تهميش دولة عربية مركزية مثل سوريا، رغم أن أغلب تحديات إقليمنا في الجوار السوري وربما في قلبها، حيث واحد من أخطر التنظيمات الإرهابية العالمية «داعش» التي تجد في أراضيها بيئة آمنة لمنطلقاتها التخريبية، وحيث لبنان الذي يعاني فراغاً سياسياً، ولا يمكن نسيان العراق حيث ترتع فيه الميليشيات، وبالتالي ألّا يكون هذا محفزاً للاستعانة بسوريا وتفعيل دورها، هذا غير أن العمل العربي الجماعي من خلال الجامعة العربية أصابه «الشلل» حتى لم يستطع أن يعقد دورته الاعتيادية المقررة هذا الشهر، وتم تأجيلها إلى نوفمبر المقبل.. كل هذا يحدث في الوقت الذي يعمل فيه الجميع على إعادة صياغة المشهد الإقليمي بما يتوافق ومصالحه الوطنية.
لا أحد لديه شك في محبة دولة الإمارات لشقيقاتها العربيات، فهذا إرث سياسي أصيل منذ تأسيس هذه الدولة على يد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ونمت هذه المشاعر مع مرور الوقت، وربما موقف قيادتها مع العديد من الدول العربية في لحظات حاسمة دليل كافٍ للتعبير عن هذه «العاطفة»، ولكن في المقابل هي (الإمارات) دولة لديها تقدير استراتيجي ورؤية واقعية في التحولات التي ينبغي التحرك بموازاتها كي لا يكون العرب في آخر الركب، ولن تكون هناك لحظة أخطر من التي يمر بها العالم اليوم من واقع الأزمة الأوكرانية ومعها تطورات الملف النووي الإيراني، حتى يفكر العرب في مستقبلهم الذي يحتاج إلى تكاتف الجميع.
قبل كل ما سبق، للإمارات نهجها الذي أكدته بالعمل مع بدء هذا العام وهو التقارب مع الجميع في العالم، فقبل سوريا الشقيقة كانت تركيا.. في لحظة استغرب فيها الجميع من التحرك الإماراتي، مع أنهم يدركون أن العالم يتغير وفقاً لمصالح متغيرة، وقبل ذلك الاتفاقيات الإبراهيمية مع إسرائيل قدمت من خلالها نظرتها المختلفة في البحث عن الحلول لأزمات ومشاكل معقدة، أفلا يكفي هذا أن تكون سوريا هي الأولى؟