زيارة الأسد للإمارات تجسد مبدأ حلول عربية للمشاكل العربية
الملف السوري سيشهد تحولات غير مسبوقة مع تصاعد التوترات العالمية
لا حديث عن العمل العربي المشترك ولا الأمن القومي في غياب سوريا
وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي «زيارة الرئيس الأسد للإمارات في غاية الأهمية، وتنبئ بعودة سوريا من أوسع الأبواب لعالمها العربي، بعد 11 عاماً من الابتعاد، فالمصلحة العربية كلها تضررت من هذا الابتعاد بين سوريا والعالم العربي».
وأضاف «عندما نتحدث عن سوريا، لا نتحدث عن الحكومة السورية، وإنما عن سوريا الجغرافيا وسوريا التاريخ، فالإمارات سباقة في إعادة فتح سفارتها في دمشق في عام 2018، ثم كانت سباقة في زيارة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي إلى دمشق، ولقائه مع الرئيس الأسد في العام الماضي، ثم توجت عملية التقارب بين الإمارات وسوريا، بزيارة الأسد للإمارات، وهو ما يمثل تحولاً تاريخياً في المشهد الشرق أوسطي، والمشهد العربي».
وتابع «هذه الزيارة تفتح آفاقاً رحبة أمام تعزيز العمل العربي المشترك، وتعزيز الأمن القومي العربي، فلا يمكن الحديث عن العمل العربي المشترك، ولا عن الأمن القومي العربي في غياب سوريا، والكل مستفيد من هذه الزيارة، سواء الجانب السوري أو العربي».
إقرأ أيضاً..حوار | دبلوماسي عربي سابق: زيارة الأسد للإمارات خطوة فى الاتجاه الصحيح
التدرج في عودة العلاقات
وأضاف "اتبعت الإمارات في الاقتراب من سوريا مبدأ التدرج، والمضي بخطوات محددة نحو إعادة العلاقات، بدأت بفتح السفارة، ثم العلاقات الدبلوماسية كاملة، ثم زيارة وزير الخارجية الإماراتية لدمشق العام الماضي، ثم توجت هذه العملية بزيارة الأسد، والزيارة تأتي في إطار جملة من المتغيرات على المستوى الإقليمي، وأولها قرب عودة كل من إيران وأمريكا للاتفاق النووي، وما يترتب على ذلك من تداعيات على أمن الشرق الأوسط، والأمن العربي، وأمن دول مجلس التعاون الخليجي، لأن هذا يعني أن هناك عقوبات سترفع عن إيران، والخزائن الإيرانية ستنتعش بمليارات الدولارات، وبالتالي هناك وضع جديد في المنطقة، بعد أن حدثت تطورات بعد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي في مايو 2018."
مرحلة جديدة
ومضى يقول «خلال آخر 4 سنوات، حدثت تطورات على صعيد المنطقة، وضعت حداً بين سنوات ما يسمى بـ(الربيع العربي)، وما بعده، فسنوات الربيع العربي أثرت بشكل ضار للغاية على أمن الدول العربية، وعلى دول مجلس التعاون الخليجي، واليوم هناك مرحلة جديدة إذا تم توظيفها جيداً من الدول العربية، وجامعة الدول العربية، ستكون مفيدة للأمن القومي العربي، والعمل العربي المشترك، ومن الممكن أن تحد من التدخلات الإقليمية في الشؤون العربية».
وتابع «من الممكن أن نشهد خلال الأشهر القليلة المقبلة عدة تغييرات في مواقف العواصم العربية والخليجية، تجاه مسألة عودة سوريا لجامعة الدول العربية، وحتى تكون القمة العربية المقبلة فاصلة، وقمة تحول وصيانة الأمن القومي العربي، يجب دعوة سوريا إلى شغل مقعدها مرة أخرى في الجامعة العربية، وهذه الزيارة تجسد مبدأ حلول عربية للمشاكل العربية، فالتدخلات الدولية والإقليمية عقدت المشاكل والأزمات العربية، فالعرب هم أدرى بمصالحهم، بصرف النظر عن موقف هذا الطرف أو ذلك».
إقرأ أيضاً..فيديو | محمد بن زايد يزور مصر: تنسيق «عالي المستوى» في مواجهة التحديات العالمية
قرار عربي مستقل
أما مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير عزت سعد، فقال «زيارة الرئيس السوري للإمارات، تعزز التوجه الخاص بعودة سوريا للحاضنة العربية، حيث من الممكن مشاركتها في القمة العربية المقبلة، المزمع عقدها مطلع نوفمبر المقبل، وهذه أول زيارة عربية للرئيس الأسد خارج سوريا، وترتبط أيضاً بما يجري بين روسيا وأوكرانيا، ومن الممكن أن يكون هذا التحرك من إحدى تداعيات الحرب، فهناك حاجة لنوع من القرار العربي المستقل، والدفع في اتجاه إيجاد تسوية للملف السوري المفتوح».
وأضاف «هذه الزيارة أثارت حفيظة واشنطن، والمتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، أعرب عن رفضه للزيارة، فمن الواضح أن أمريكا لا تزال لديها تحفظات على أي جهود من شأنها استعادة سوريا، أو أن يكون هناك نوع من التطبيع العربي معها، ومن ثم فإن زيارة الرئيس السوري للإمارات تعد من آثار الحرب الروسية الأوكرانية».
وأشار إلى أن الملف السوري، سيشهد حركة في المرحلة القادمة، ارتباطاً بالصراع المحتدم بين روسيا من ناحية، والمعسكر الغربي من ناحية أخرى، ويجب أن يكون التعامل معه بنوع من إعلاء المصالح العربية على ما عداها من اعتبارات أخرى.
وأوضح أنه ستكون هناك خطوات مماثلة من دول أخرى تجاه سوريا، خصوصاً في ظل التوقع بانفراجة قريبة في الملف النووي، قائلاً "هناك آمال تبنى على أن يكون بالصفقة النووية الإيرانية، نوع من التحركات التي تسفر عن حسن النوايا من الجانب الإيراني، خاصة أن الملفات الدولية جميعها متشابكة ومترابطة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالملف السوري والعلاقات مع إيران.
وأضاف «إذا أبدت إيران نوعاً من الاستعداد للتعامل مع ملفات المنطقة، بقدر كبير من حسن النية، فمن الممكن أن يكون لزيارة الأسد للإمارات، مردود طيب على رؤية الدول العربية من الملف السوري، ومن الممكن أن نشهد حضور سوريا للقمة العربية المقبلة، وسياسات إيران الفترة المقبلة سيترتب عليها العديد من التحركات».
مستقبل أكثر إشراقاً
قال السفير الفلسطيني الأسبق في مصر، الدكتور بركات الفرا، إن زيارة الرئيس السوري للإمارات مهمة، وسيترتب عليها انفراجة في العلاقات بين سوريا والدول العربية، ورفع الحظر المفروض على سوريا بالنسبة لمقعدها في جامعة الدول العربية، وهذا يشير إلى مستقبل أكثر إشراقاً للأمة العربية، فكلما تم توحيد الأمة العربية، وكان هناك وفاق بين الدول العربية، كلما أدى هذا إلى تحقيق مصالح الأمة العربية، وهي خطوة في هذا الطريق.
وأضاف «حضور سوريا للقمة العربية المقبلة، سيتوقف على إزالة الأسباب التي تم تجميد عضويتها بسببها، وإذا مازال هناك جزء عالق من هذه الأسباب، فمن الصعب أن تعود خلال هذه القمة، لكن الأمور ستتحسن قبل انعقاد القمة التي تليها، لكن تبقى هناك آمال بمشاركتها، خاصة أن القمة تعقد في الجزائر التي تتمنى عودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية». وأردف «من المأمول أن تقر القمة العربية المقبلة، إذا لم تشارك فيها سوريا، الموافقة على عودتها للجامعة، ومن مصلحة الأمة العربية كلها عودة سوريا لجامعة الدول العربية».