غنوة كنان

بعد مرور ما يقارب الشهر تقريباً من بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، وعلى الرغم من تداعيات الحرب التي أدت إلى قفزة في أسعار النفط، فإنه على الرغم من ذلك لم تظهر الاضطرابات حتى الآن في أسواق السلع الأساسية الأكثر أهمية في العالم.

ووصل سعر برميل النفط من خام برنت إلى حوالي 108 دولارات في 18 مارس، وهو أعلى من مستواه البالغ 94 دولاراً تقريباً.

وتعكس التقلبات التفاعل بين القوى الجيوسياسية والاقتصادية التي تعصف بالعالم اليوم، فمن الحرب إلى ارتفاع سعر الفائدة ووباء فيروس كورونا، وحتى بعد نتيجة الصراع في أوكرانيا، فإن هناك ثلاثة أسباب كبيرة تدفع لعدم اليقين في سوق النفط وفقاً لما ذكرته مجلة إيكونومست البريطانية.

زيادة الإنتاج

تسببت العقوبات الغربية على روسيا، وحظر أمريكا ورادت النفط الروسي، بتعرض الكثير من المشترين المحتملين للتعامل مع الوسطاء الماليين الروس.

أخبار ذات صلة

معرض دبي للطيران 2023 ينطلق الاثنين.. ماذا ننتظر؟
بريطانيا: حظر أدوات المائدة البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد اعتباراً من أكتوبر

وفي 16 مارس الماضي، قالت وكالة الطاقة الدولية إن الأسواق العالمية قد تواجه عجزاً في النفط بمقدار 3 ملايين برميل يومياً اعتباراً من أبريل.

وأوضح التقرير أن أمر زيادة الإنتاج يعود للبلدين الأكثر قدرة على تعويض جزء كبير من النفط الروسي وهما المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

وفي آخر اجتماع لمنظمة أوبك في أوائل مارس، كان هناك تأكيد على الالتزام بالخطط الحالية لزيادة الإنتاج الإجمالي بمقدار 400 ألف برميل يومياً.

ويترقب العالم الاجتماع المقبل لأعضاء منظمة أوبك والمقرر في نهاية مارس الجاري.

النفط الصخري الأمريكي

أوضح التقرير أن السبب الثاني من عدم اليقين يتعلق بقدرة إنتاج النفط الصخري الأمريكي لمواجهة النقص في العرض، فخلال طفرة التكسير الهيدروليكي الأولى والتي استمرت من عام 2010 إلى عام 2015، ارتفع الإنتاج الأمريكي، ما تسبب في انخفاض أسعار النفط، إلا أن الظروف في الاقتصاد الأمريكي تغيرت بشكل كبير منذ ذلك الحين، ما ترك المحللين والمطلعين على الصناعة متشككين من أن النفط الصخري الأمريكي يمكن أن يرتقي إلى مستوى التحدي.

وأشار التقرير إلى أن شروط التمويل في الوقت الحالي أقل تشجيعاً مما كانت عليه خلال طفرة الإنتاج في 2010-2015، ومن المتوقع أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة عدة مرات خلال العام الجاري والعام المقبل، وبالنسبة لعوائد سندات الخزانة المالية فإنها أقل بنسبة 2% مقارنة بمعظم فترات الازدهار الماضية.

وبالإضافة إلى ذلك يواجه الإنتاج الأمريكي تحدياً آخر في سوق العمل، فهناك حوالي 128 ألف شخص يعملون في استخراج النفط والغاز في فبراير الماضي، مقارنة بأكثر من 200 ألف عامل في نهاية 2014.

ويكافح أصحاب العمل لملء الوظائف الشاغرة، ولا يعد البحث على عشرات الآلاف من العمال أمراً سهلاً.

وبالإضافة إلى ذلك أصبح المنجمون الأمريكيون والعاملون في قطاع الصناعة أكثر حذراً بشأن الاقتراض، حيث تلتزم البنوك ومديرو الأصول بمعايير أكثر صرامة، وهو أحد العوامل الذي تؤدي إلى ارتفاع التكاليف.

وفي الربع الأخير من العام الماضي، أبلغت شركات التنقيب عن الطاقة والإنتاج عن أكبر زيادة في نفقات تأجير التشغيل خلال السنوات الست الماضية على الأقل، وفقاً لمسح أجراه بنك دالاس الفيدرالي.

استراتيجية الصين للقضاء على الفيروس

وصنف تقرير إيكونومست أن استراتيجية الصين للقضاء على الفيروس تعد السبب الثالث الذي يساهم في استمرار تقلب أسعار النفط وعدم اليقين.

وفرضت الصين إغلاقاً في مدينتي شنغهاي وشنتشن، وهما من أهم مراكز التصدير في العالم، ويشير تقرير لبلاتس أناليتكس وهي شركة أبحاث السلع الأساسية، إلى أن القيود قد تخفض الطلب على النفط بمقدار 650 ألف برميل في مارس، وهو ما يعادل إنتاج فنزويلا من النفط.

وأوضح التقرير أنه حتى قبل بدء عمليات الإغلاق، كانت هناك علامات مقلقة على تباطؤ الاقتصاد الصيني، لا سيما في قطاع العقارات، وانخفضت عائدات مبيعات الأراضي، والوقود الذي تعمل عليه الحكومات المحلية الصينية بنسبة 30% على أساس سنوي في يناير وفبراير.

لامس مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ أدنى مستوى له في خمس سنوات، وانخفض بنحو 50% منذ بداية الوباء، وفي الصيف ذاته فإن الحكومة الصينية ممزقة بين حملتها لكبح جماح النفوذ في قطاع العقارات، ورغبتها في الحفاظ على نمو الاقتصاد بشكل ثابت، وأي علامة على تباطؤ اقتصادي في أكبر مستورد للطاقة في العالم تعني الاضطراب في أسواق السلع.