لقد بلغنا مراحل متقدمة في شتى المجالات والاستخدامات التقنية، وأخص بالذكر التقنيات والخوارزميات المستوحاة من الدماغ البشري وجسم الإنسان والكائنات الأخرى. هذه الدراسات المتعمقة مكّنتنا من تقنيات كانت ضمن سراب الخيال العلمي، فاليوم نرى العديد من هذه التخيلات تنفذ مهاماً بشكل متقن إلى حد معقول ضمن هذه المراحل التي اعتبرها على عتبات الذكاء الاصطناعي الذي لا نزال نراه بعيداً.
إن تركيز الإنسان وانشغاله في تسخير هذه التقنيات في خدمة البشر والبيئة وتعزيز الاقتصادات وحل الكثير من المعضلات مثل الجفاف والزراعة والسعادة والتلوث البيئي والفقر المدقع كل ذلك يمكن محاربته باستخدام هذه التقنيات المتقدمة وكل ما نحتاجه هو التركيز على التطوير والاهتمام بالمفكرين المنجزين أصحاب الإنجازات الملموسة المميزة والجميلة وترك الشعارات الرنانة التي تتغير في أبسط الظروف والمصالح.
الاستخدامات المرجوة في الروبوتات لا حصر لها البتة، فهي تستطيع العمل ليل نهار بلا كلل أو ملل ولا فبإمكانها الغسل و الكنس والزراعة والحصاد وحفر الآبار وتوسعة مجاري المياه وحتى تحليتها وهي تتنقل من مكان إلى آخر، ومن استخداماتها الحراسات المنزلية والمكتبية، فضلاً عن حراسات الحدود الدولية، أو مجرد الترحيب بالزوار واستقبالهم أجمل استقبال وإرشادهم نحو الأماكن والمرافق مثلما شهدنا ذلك في إكسبو 2020 دبي، بالإضافة إلى روبوتات توصيل الطعام والمشتريات التي انتشرت في إكسبو 2020 دبي كذلك، وكان لها أثر إيجابي جميل على سعادة الزوار باستخدام تقنيات متطورة كالتعرف على الصوت والصورة واتباع الطريق والحذر من الاصطدام أو الوقوع والقيام بتعديل نفسه إذا وقع!
قبل ألف سنة لم يكن للتكنولوجيا ذكر ولم يكن هناك تقني واحد! اليوم نرى اقتصادات الشركات التقنية تجعل مكانة بعض الشركات بحجم دول ولها وزن كبير يجب لها ألف حساب.
الوظائف ستدخل في دوامة جديدة بمفهوم واحتياجات جديدة ستصب بكل تأكيد في خدمة الاقتصادات، فبعض الأمور ستصبح منطقية أكثر كوجود روبوتات أمنية تجوب المناطق ليل نهار تعمل تحت إمرة رجال الأمن، وتستطيع هذه الانظمة الآن تمييز الكثير من الأمور من اكتشاف أي خطأ أو تغيير وإدراك وقوع حادث مخالف للقوانين والأنظمة، ومنها ما يساهم في الإنقاذ من كشف عن الألغام والانتشال في الحوادث وحتى في الإطفاء والمداهمة.
أما عشاق القهوة والشاي والطعام، فالروبوتات بدأت بمنافسة أقوى الطهاة والباريستا كما فعل الكمبيوتر «آي بي إم ديب بلو» بفوزه على جاري كاسباروف بطل العالم في الشطرنج في عام 1996م، فلقد انتشرت في الآونة الأخيرة روبوتات تصنع القهوة بجودة عالية وأفضل بكثير عما تقدمه مكائن القهوة التقليدية، وبهذا النمط سيكون طعم القهوة مماثلاً في كل بلاد الدنيا والأمر سيان في الطبخ والصيد والخياطة والزراعة.
الأطفال نالوا حظاً من هذا التقدم، فاليوم تتوفر نماذج عديدة من روبوتات جليسة للأطفال، تحكي لهم الحكاية وتعلمهم وتلعب معهم وتواسيهم إن حزنوا وتمشي معهم أينما حلوا وارتحلوا، هذه التقنيات مفيدة حقاً في تنمية الأبناء تقنياً وتعليمهم وتدريبهم.
ومن الجميل كون هذه الروبوتات تأتي بأشكال شتى وأحجام ومواصفات لا تعد ولا تحصى، فمنها ما يكون على شاكلة الإنسان وأخرى تكون بصورة بشر ولكن بحجم الذراع والكف وأخرى على صورة كلب ويحمل أجهزة متقدمة على ظهره للاستخدامات المتعددة أو يستخدم للترفيه والزينة، ومن الأشكال الشائعة مثل الطبق الطائر ولكنه يكنس وينظف المنزل ويعقمه ثم يرجع إلى قاعدته فيفرغ نفسه ثم يعود لإكمال دورته حتى ينتهي من تغطية الخريطة الذكية للمكان والذي يقوم بإنشائها بنفسه باستخدام أجهزة ليدار ثلاثية الأبعاد متقدمة تتعرف على المنطقة المحيطة به وتحدد موقعه بدقة في المكان ويميز العقبات والمرتفعات والدرجات ومن نفس الصنف هذا ما يقوم بقص الحشائش وتنظيف الأحواض ويعملون بنفس الآلية السابقة.
نحن بحاجة ماسة لتعلم كافة الثغرات الأمنية والحرص على كون هذه الأنظمة من مؤسسات مرموقة تعتني بأمن المعلومات والنظم وتحرص على التحديث الدائم فكون بعض هذه الأجهزة متصلة بالإنترنت يصبح بالإمكان اختراقها وجعلها تنفذ أموراً محرجة وقد تكون خطيرة فعلياً أو رمزياً ووطنياً وعقائدياً.
هناك العديد من الدورات لتعلم برمجة الروبوتات والتحكم بها وحتى إنشائها ومن الضروري جداً تعلمها وتعليم الأبناء وتهيئة جيل يعتمد التقنية في كل حياته بغض النظر عن اختصاصه أكان معلماً أو طبيباً أو كاتباً أو رياضياً أو مهندساً أو بنَّاءً وغير ذلك من المهن والتخصصات.
لا شك أن لفجر الروبوتات ودخولهم الأسواق والأعمال وقعاً إيجابياً على الاقتصاد، والفطن من يستغل العرض والطلب لتقديم ما هو مفيد ونافع للجميع بإذن الله والكل مستفيد إن شاء الله.