يعيش العالم اليوم حالة من الهلع جراء تداعيات الأزمة الأوكرانية على أسواق السلع والطاقة، الجميع بدء بإعادة النظر في مصادر الطاقة والبحث عن إمدادات بديلة قد لا تكون الحل الأفضل للاستدامة، بل قد لا تعكس الاستراتيجيات المرسومة للطاقة المتعلقة بالحلول الخضراء، وكذا تسارع عودة الطلب على النفط بعد الجائحة بوتيرة لم يكن أحد يتوقعها!
الأزمة الأوكرانية بلا شك قرعت ناقوس الخطر وأيقظت دول العالم أجمع بأن محاربة النفط وشيطنة الوقود الأحفوري بشكل عام قد تؤدي إلى أزمة نقص إمدادات حادة لن يتحملها الاقتصاد العالمي ولا الدول المستهلكة.
رأينا أن 19 يوماً فقط كانت كفيلة بتفاعل أسعار الوقود بالصعود لأرقام قياسية على مستوى جميع السلع ومنها النفط، الغاز، الفحم والمعادن، هذا رفع من نسبة التضخم عالمياً ليشكل بذلك تهديداً حقيقياً على نمو الاقتصاد العالمي.
الارتفاعات غير المسبوقة للأسعار والمخاوف من انقطاع الإمدادات أحدثت هزة كبيرة لاستراتيجيات الطاقة الهشة وغير المنطقية التي تم اعتمادها من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية ودعمتها وكالة الطاقة الدولية بخارطة طريق مغالِطة نحو الحياد الصفري، دون مراعاة حجم الاستثمارات المطلوبة لتلبية نمو الطلب العالمي، مع محدودية توفر التقنيات للقيام بهذه المهام وعامل الوقت لإنجاز هذه المستهدفات.
لذلك نرى أن هناك تراجعاً كبيراً من كبرى الدول والتي كانت تنهج طريق الطاقات الخضراء، تطالب اليوم بزيادة إنتاج دول أوبك وتدعم صناعة النفط لديها ومن أهم هذه الدول ألمانيا، الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
هذا ما كانت تطالب به منظمة أوبك وقد حذر منه أيضاً وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان في عدة مناسبات بأن الاعتماد على مصادر طاقة متجددة لأسباب ورغبات سياسية سوف يقود لكارثة كبيرة في المستقبل.
العالم مقبل دون أي أدنى شك على نقص وشح في المعروض والإمدادات ما لم يعد بنفس الزخم وضخ المزيد من الاستثمارات إلى مستويات ما قبل الجائحة البالغة 525 مليار دولار سنوياً حتى عام 2030.
لن يكون هناك في المدى القريب والمتوسط بديل للوقود الأحفوري قادر على تلبية احتياجات العالم ومحفز للاقتصاد العالمي، لذلك فإن تصحيح المنهجية إلى تحول الطاقة المدروس هو الأصح والتسريع في إجراء إصلاحات نوعية على استراتيجيات الطاقة للدول الغربية وعدم إلقاء اللائمة على الآخرين بسبب أخطاء لم يقترفوها.
أصبح من الواضح أن تصحيح منظمة أوبك بلس لتلك الأخطاء الهيكلية مرتبط بأجندات سياسية لمحاربة الوقود الأحفوري ومنتجيه، فإلى متى تستمر أوبك في تصحيح أخطاء الآخرين الفادحة؟