25 مليار دولار مساهمتها في الاقتصاد العالمي خلال 2021
وصف مسؤولون ومبدعون وقيّمون فنيون، الأعمال الفنية المعتمدة على الرموز غير القابلة للاستبدال، بمستقبل الصناعات الإبداعية، حيث أفرزت أنواعاً جديدة من الأعمال الفنية، وشريحة جديدة من المقتنين والمهتمين، لافتين إلى تغييرها لمفاهيم صالات عرض الأعمال الفنية، من الواقعية إلى الفضاء الرقمي الافتراضي.
وأكدوا لـ«الرؤية» رفضهم الآراء التي تقول: إن الفنون غير القابلة للاستبدال مجرد فقاعة لتقليعة جديدة تمر على عالم الفنون، مشددين على أنها تمثل حقبة فنية ستكون بمثابة المستقبل الجديد للصناعات الإبداعية.
واعتبروا الـ NFTواحداً من الأصول الاستثمارية المرغوبة، لكنهم شددوا على ضرورة مراعاة الدقة عند الشراء حتى لا يقع المقتنون في فخ الأعمال الرديئة، مشيرين إلى أنها لن تسحب البساط من الأعمال الكلاسيكية، بل من الممكن أن تزيد قيمتها مع مرور الوقت.
دعم الفنون
يرى المدير التنفيذي لقطاع الفنون والآداب في هيئة الثقافة والفنون في دبي، الدكتور سعيد مبارك بن خرباش، أن الرموز غير القابلة للاستبدال NFT لن تسحب البساط من الأعمال الكلاسيكية، بل من الممكن أن تزيد قيمتها مع مرور الوقت، لافتاً إلى أن هذه الرموز قد ترفع من شريحة المهتمين باقتناء الأعمال الفنية لا سيما محبي الفن الرقمي.
ولفت إلى أن هذه الرموز جذبت انتباه شريحة أكبر من الناس مثل المهتمين بالتكنولوجيا وأيضاً هواة جمع الأعمال الفنية، متوقعاً أن نرى في المستقبل أنواعاً مختلفة من الأشكال التي تروج لاقتناء الأعمال الفنية، مشدداً على أن هذه الأشكال الجديدة لن تحيل الأعمال الكلاسيكية إلى التقاعد، بل ستظل محتفظة بمكانتها لدى شريحة كبيرة من هواة الفنون.
وأكد حرص هيئة الثقافة والفنون في دبي على دعم جميع أنواع الفنون، سواء كانت كلاسيكية أو غير قابلة للاستبدال، منوهاً بأن الهيئة دعمت الرموز غير القابلة للاستبدال، عبر تنظيم معرض 50-50 بالتعاون مع مورو كوليكتيف.
ولفت إلى أن هذا المعرض يعد من أوائل المعارض الخاصة بالأعمال غير القابلة للاستبدال في الدولة وجاء بمناسبة مرور خمسين عاماً على قيام دولة الإمارات.
وأشار إلى أن الهيئة عملت مع «آرت دبي» لكي يكون هناك قسم كامل للفنون الرقمية بالإضافة لثلاثة بيوت في حي الفهيدي ستكون مخصصة للأعمال الرقمية والرموز غير القابلة للاستبدال والميتافيرس .(Metaverse)
وأكد اهتمام الهيئة بهذا القطاع، لافتاً إلى أن لدى الهيئة تصوراً بأن يكون هنالك قسم خاص بالفنون الرقمية، منوهاً بأن الهيئة بصدد وضع استراتيجية خاصة لهذا النوع من الفنون.
ولفت إلى أن الفئة المستهدفة من وراء هذا النوع من الفن هي فئة الشباب والمهتمين بالتكنولوجيا والجيل الجديد من المهتمين بالفنون الرقمية.
سوق واعد
ترى المدير الإقليمي لـ«آرت دبي» هالة خياط أن عالم الفن عامةً يستند إلى مواد خام وأدوات متنوعة، فهنالك الفنان الذي يعتمد على الصلصال والطين في أعماله النحتية، وهنالك من يعتمد على الألوان الزيتية، والبعض على الألوان المائية في لوحاته، وغيرها العديد من أدوات ومواد.
وتابعت: في حين أنتج لنا سوق العملات المشفرة نوعاً جديداً من الفنون، والذي أفرز لنا شريحة جديدة على سوق الفن من الفنانين والمقتنين، قد تكون أدوات هذا الفن سهلة كونها تعتمد على الأجهزة اللوحية والتصوير والفيديو، وهي أدوات يمتلكها الجميع في عصرنا هذا.
وأكدت أن سوق العملات المشفرة وجيل ألعاب الفيديو، شكلوا فارقاً في جمهور فنون الرموز غير القابلة للاستبدال، والتي فتحت أبواباً لتجارة الفضة والذهب والمال والغذاء والفن، فأصبح عالم الرموز غير قابل للاستبدال بمثابة عالم يجمع بين المال والإبداع معاً.
وشددت على حرص «آرت دبي» على دعم المشهد الفني، عبر تقديم الأفضل من هذه الشريحة الفنية، من خلال التعاون مع شركات مسجلة دولية ومرتبطة بمتاحف ومنظمات عالمية، خاصةً أن ما يثير التعجب أن الرموز غير القابلة للاستبدال قد تمكنت خلال فترة وجيزة من استقطاب متذوقي الفن التقليدي.
وأشارت إلى مشاركة 15 غاليري في «آرت دبي» لعرض أعمال فنية من فئة الرموز غير القابلة للاستبدال، والتي تم اختيار الأعمال المشاركة فيها بناءً على معايير لجنة مختصة وشركات متداولة لهذه الفنون، واليوم دبي تشكل مركزاً وعاصمة للعملات المشفرة حول العالم، الأمر الذي يزيد من فرص ارتفاع دخل سوق الفنون الرقمية.
تلاعب الأسعار
تهتم إيفا كارتشير، مقتنية أعمال فنية ألمانية وأحد زوار آرت دبي، بهذا النوع من الفنون، كونه قد غير توزيع الفنون بالعالم، عبر توظيف الفنانين للتكنولوجيا.
وقالت: لدي شغف كبير باقتناء العمال الكلاسيكية، وحقيقة لم أقتنِ أي أعمال تعتمد تقنية هذه الرموز حتى الآن، إلا أنني ما زلت أدرس فكرة اقتناء عمل يثير اهتمامي، خاصةً أنها طفرة نشهدها اليوم وتتطلب منا معرفة الأسس والمعايير التي تتحدد وفقها أسعار الأعمال والتي يتم تحديدها من قبل أشخاص معينين ومحددين.
وتابعت: الأمر المدهش أن الأعمال المعتمدة على تقنية الرموز باتت واحدة من الأصول الاستثمارية التي يرغب كثيرون في اقتنائها، لكنها ومن واقع خبرتها تؤكد أن على المقتني أن يراعي الدقة في اختياراته لأن منها ما هو جيد وغير ذلك، لافتة إلى أن أهم العوامل التي يجب مراعاتها عند اختيار أحد هذه العمال هو القيمة الفنية سواء للعمل أو الفنان الذي يقدمها، والجهة التي تبيع العمل.
وحذرت من أن مساحة التلاعب بأسعار اللوحات المعتمدة على هذه التقنية تزداد، لذلك على المقتنين فهم السوق بعناية، حتى لا يقعوا فريسة للمحتالين.
أبواب جديدة
ولفتت زين محجوب، المدير المساعد في علاقات كبار الشخصيات في آرت دبي، إلى أن حضور هذا النوع من الفنون على منصات رقمية مختلفة، ساهم في فتح أبواب جديدة أمام مقتني الأعمال الفنية، وأصبح هنالك مجتمعات فنية جديدة تظهر على الساحة الفنية الإبداعية، بما في ذلك صالات العرض والغاليريهات التي قد لا يكون لها موقع فيزيائي حضوري، ووجودها بالمشهد عبر المنصات حصراً، أي إنها غاليريهات أو صالات عرض رقمية.
وتوقع أن تشهد الإمارات عامة ودبي بصفة خاصة دخول عملاء جدد على مثل هذه المنتجات، ولا سيما أن دانة الدنيا باتت مركزاً مالياً دولياً، كما أنها باتت قبلة الفنانين على مستوى العالم فضلاً عن تحول المنطقة الشديد للاهتمام بالفنون الرقمية.
تغييرات كبيرة
رفض الفنان الإيطالي والقيّم على معارض فنية بالرموز غير القابلة للاستبدال، والذي شارك أخيراً في معرض «بوابة إلى الميتافيرس» الذي يحتضنه بيت الحكمة بالشارقة، ستيفانو فافيريتو، الآراء التي تقول إن الفنون غير القابلة للاستبدال مجرد فقاعة لتقليعة جديدة تمر على عالم الفنون، مؤكداً أنها حقبة فنية ستكون بمثابة المستقبل الجديد للفنون والصناعات الإبداعية.
وأكد أن عالم الفنون سيشهد تغييرات وتطورات كثيرة من ضمنها ظهور المزيد من الفنانين والمصورين والموسيقيين بالمشهد الفني والثقافي، الذين يعتمدون على هذه التقنية.
ونوه بالدور الذي تلعبه الرموز غير قابلة للاستبدال في الاقتصاد العالمي، لافتاً إلى أنها ساهمت بنسب عظيمة في الاقتصاد العالمي، مشيراً إلى أن 2021 شهد استثمارات بقيمة 25 مليار دولار في هذا القطاع، مؤكداً أن هناك إقبالاً من المواطنين والمقيمين بالإمارات لاقتناء هذا النوع من الأعمال، منوهاً بأنه لاحظه هذا جيداً في معرض «بوابة إلى الميتافيرس.«
وتابع: لا شك أن هذا النوع من الفنون دعم كثيراً الاقتصاد العالمي، إلى جانب العملات المشفرة التي ساهمت في رفع قيمة هذه الأعمال الفنية، والتي ستساهم كثيراً في المستقبل، حيث تتخذ مسار نمو ونجاح ملحوظ.
تحديد الأسعار
وحول العوامل والمعايير التي تحدد أسعار أعمال الرموز غير قابلة للاستبدال، قال: تعتمد على أسماء الفنانين وشهرتهم بالمجتمع الفني والإبداعي لـNFTs، لأن مجتمع الفنان المحيط به غالباً ما يدعمه في بداية مسيرته بالرموز غير القابلة للاستبدال، كما أن شهرة الفنان في مجتمع الفنون الفيزيائية أو التقليدية لا يعني أنه سيحقق شهرة في مجتمع الرموز غير قابلة للاستبدال، فهما سوقان مختلفان تماماً.
وأشار إلى أن هناك عوامل أخرى، تساهم في تحديد أسعار الأعمال، مثل: طرق التسويق وحجمها في الترويج عن العمل، وكمية الأعمال المطروحة بالسوق.
سوق عالمي
أكد مدير إدارة قطاع المجوهرات الخاصة لدى كريستيز جوليان بروني، أن لدى سوق الرموز غير القابلة للاستبدال مستقبلاً عالمياً، لافتاً إلى حرص العديد من الفنانين والمبدعين بقطاعات التصميم والتصوير والرسم والمجوهرات على المشاركة في هذا القطاع الجديد.
وتابع: لا أعتقد أن الفنون الرقمية غير القابلة للاستبدال ستحتل مكانة الفنون التقليدية الكلاسيكية، فلكل فئة من فئات الفنون جمهورها، كما أننا لا نستطيع تحديد القيمة الشرائية لسوق الفنون غير قابلة للاستبدال والفنون الكلاسيكية التقليدية، خاصةً أنه مجال واسع ومختلف فيما يتعلق بالنقود وعملات الكريبتو المشفرة.
ولفت إلى أن معرض «روك بارتي» الذي نظمته الدار مؤخراً في دبي والمختص بالرموز غير القابلة للاستبدال، تضمن 10 أعمال لفنانين عالميين استلهموا أعمالهم من حفلات فنون الروك التي تتحلى بالألوان الصاخبة والمشرقة.