الحواسيب في بدايتها كانت أجهزة ضخمة، واستخدامها محدود بمن يستطيع الوصول إليها، وكانت الجامعات الكبرى والمؤسسات وبعض الجهات الحكومية تملك حواسيب أو تستأجرها، وكان استخدام الحاسوب يحتاج لإذن وموعد، والمستخدم عليه إعداد البرنامج الذي يريد تشغيله قبل الموعد. البرنامج وأوامره تُكتب على بطاقات ورقية فيها ثقوب يقرأها الحاسوب بجهاز خاص ثم ينفذ التعليمات، ويطبع النتيجة على آلة كاتبة، ينظم كل هذه العملية أشخاص يديرون الحاسوب ووظيفتهم تشغيل برامج الآخرين.
مع ظهور الطرفيات الطابعة (تسمى أحياناً طرفية غبية) تغير الوضع ولم تعد هناك حاجة لوسيط بين المستخدم والحاسوب، ويمكن للمستخدم الآن إدخال الأوامر مباشرة في الطرفية وتلقي الإجابة مطبوعة على الورق، هذا يعني استهلاك الكثير منه لتشغيل البرامج، ثم ظهرت الطرفيات ذات الشاشات التي ألغت الحاجة لطباعة أميال من الورق كل أسبوع ووفرت شيئاً من التكلفة، والحاسوب لا يزال مركزياً والطرفيات هي أجهزة تعتمد كلياً على قوة الحاسوب.
التغيير بدأ في أواخر السبعينيات عندما بدأت الحواسيب الشخصية بالظهور، الحاسوب الشخصي غيّر أسلوب العمل في المكاتب فلم يعد المستخدم بحاجة لحاسوب مركزي لكي يقوم بأي عمل، ويمكنه العمل مباشرة على حاسوبه وهذا غيّر بيئة العمل في المؤسسات على اختلافها، وجعل الحاسوب شيئاً تشتريه الأسر لأنه أصبح وسيلة تعليمية وترفيهية.
منذ الثمانينيات حتى 2010 كانت الحواسيب الشخصية تعتمد كلياً على نفسها وتستفيد من خدمات الشبكة سواء شبكة الإنترنت أو شبكة محلية، هذا بدأ بالتغيير تدريجياً عندما غيّرت شركات برامجها من منتجات تعمل على الحاسوب الشخصي لخدمات تحتاج لاتصال بالشبكة وربما تحتاج لمتصفح لكي تعمل.
الحواسيب الشخصية لم تتوقف عن التطور وكل جيل منها يقدم أداء أعلى من سابقه، لكن الآن كثير منها يعمل كالطرفيات من الخمسينيات والستينيات في القرن الماضي لأنها تعتمد كلياً على خدمات تقدم عبر الشبكة، هذا له عواقب جمّة، كما وجد الروس الذين قطعت عنهم خدمات شبكية كثيرة تتحكم بها شركات أمريكية بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية.
يفترض أن يكون هذا دافعاً للعودة لاستخدام برامج شخصية يشغلها الحاسوب بدون حاجة للاتصال بالشبكة، ويفترض أن يكون ما فعلته الشركات الأمريكية دافعاً لتطوير برامج بديلة أو المساهمة في برامج متوفرة مثل البرامج الحرة والمفتوحة المصدر، لأنها ستضمن أن يستطيع الفرد إنجاز عمله دون الحاجة للاعتماد على خدمات شركات أخرى، وما حدث لروسيا قد يحدث لأي دولة أخرى.